هل الخمر نجس أم لا؟
الفتوى رقم(186)
هل الخمر نجس أم لا؟
السؤال:
هل الخمر نجس أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الخمـر:
ذهب الأئمة الأربعة إلى نجاسة الخمر، واستدلوا على ذلك بقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة:90]
والرجس في اللغة: هو الشيء القذر والنتن(1).
قال الإمام النووي رحمه الله: الخمر نجسة عندنا وعند مالك وأبي حنيفة وأحمد وسائر العلماء(2).
وقال الإمام القرطبي رحمه الله: فهم الجمهور من تحريم الخمر، واستخباث الشرع لها، وإطلاق الرجس عليها والأمر باجتنابها، الحكم بنجاستها.. فإن قيل: التنجيس حكم شرعي ولا نص فيه، ولا يلزم من كون الشيء محرماً أن يكون نجساً، فكم من محرم في الشرع ليس بنجس، قلنا: قوله تعالى: ﴿رِجْسٌ﴾ يدل على نجاستها، فإن الرجس في اللسان النجاسة، ثم التزمنا ألا نحكم بحكم إلا حتى نجد فيه نصاً لتعطلت الشريعة، فإن النصوص فيها قليله، فأي نص يوجد على تنجيس البول والعذرة والميتة وغير ذلك؟ وإنما هي الظواهر والعمومات والأقيسة.
وممن قال بقول المزني و ربيعة شيخ مالك والليث بن سعد و داود الظاهري والصنعاني والشوكاني والشيخ الألباني وابن عثيمين وغيرهم رحمهم الله، ومن الأدلة التي استدلوا بها حديث أنس في قصة تحريم الخمر وفيه: «فأمر رسول الله ﷺ منادياً ينادي، ألا إن الخمر قد حرمت. قال: فخرجت فأهرقتها فجرت في سكك المدينة» رواه البخاري(2332) و مسلم(1980)، وحديث الرجل الذي كان معه مذادتان فيهما خمر «فقال النبي إن الله إذا حرم شيئاً فيها حرم بيعها ففتح الرجل المذادتان حتى ذهب ما فيهما» رواه مسلم(1206).
قال القرطبي: وقد استدل سعيد بن حداد القروي على طهارتها بسفكها في طرق المدينة، قال: ولو كانت نجسة لما فعل ذلك الصحابة رضوان الله عليهم ولنهى رسول الله ﷺ عنه كما نهى عن التخلي في الطرق.
والجواب: أن الصحابة فعلت ذلك لأنهم لم يكن لهم سروب ولا آبار يروقنها، إذ الغالب من أحوالهم أنهم لم يكن لهم كنف في بيوتهم، وقالت عائشة رضي الله عنها: إنهم كانوا يتقذرون من اتخاذ الكنف في البيوت، ونقلها إلى خارج المدينة فيه كلفة ومشقة، ويلزم منه تأخير ما وجب على الفور، وأيضاً فإنه يمكن التحرز منها، فإن طرق المدينة كانت واسعة، ولم تكن الخمر من الكثرة بحيث تصير نهراً يعم الطريق كلها بل إنما جرت في مواضع يسيرة يمكن التحرز عنها، هذا مع ما يحصل في ذلك من فائدة شهرة إراقتها في طرق المدينة ليشيع العمل على مقتضى تحريمها من إتلافها وأنه لا ينتفع بها، وتتابع الناس وتوافقوا على ذلك والله أعلم. تفسير(3).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)المصباح المنير.
(2)المجموع(1/520) وانظر مختصر القدوري(21) ومغني المحتاج(1/211) وحاشية عميرة(1/80) والحاوي الكبير(2/260) والتاج والإكليل(1/97) ومطالب أولى النهى(1/43) والمبسوط(24/23) والبدائع(5/115) والفواكه الدواني(2/288) والشرح الكبير(1/81) وبداية المجتهد(1/115).
(3)تفسير القرطبي(3/625/626)
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/Sow9SEi7bsU
<iframe width=”727″ height=”409″ src=”https://www.youtube.com/embed/Sow9SEi7bsU” title=”YouTube video player” frameborder=”0″ allow=”accelerometer; autoplay; clipboard-write; encrypted-media; gyroscope; picture-in-picture” allowfullscreen></iframe>