هل القيء الذي يخرج من الإنسان طاهر أم نجس؟
الفتوى رقم(184)
هل القيء الذي يخرج من الإنسان طاهر أم نجس؟
السؤال:
هل القيء الذي يخرج من الإنسان طاهر أم نجس؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
القيء: وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة(1).
اختلفت مذاهب العلماء في طهارة القيء ونجاسته، والصحيح أن القيء إذا تغير عن حال الطعام فنجس، ولو خرج متغيراً بصفراء أو بلغم ولم يتغير عن حال الطعام فطاهر، وإليه ذهب المالكية.
وإليك التفصيل في المسألة:
ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى نجاسة القيء ولهم في ذلك تفاصيل.
فقال الحنفية: إذا كان ملء الفم فنجس، فأما ما دونه فطاهر على ما هو المختار من قول أبي يوسف، وجاء في فتاوى نجم الدين النسفي: صبي ارتضع ثم قاء فأصاب ثياب الأم إن كان ملء الفم فنجس، فإذا زاد على قدر الدرهم منع -أي الصلاة في هذا الثوب-، وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يمنع ما لم يفحش؛ لأنه لم يتغير من كل وجه…وهو الصحيح(2).
وعند الشافعية أن القيء نجس سواء خرج متغيراً أو غير متغير؛ لأنه طعام استحال في الجوف إلى النتن والفساد فكان نجساً كالغائط، واستدلوا على ذلك بقول النبي ﷺ لعمار رضي الله عنه: «يَا عَمَّارُ إِنَّمَا يُغْسَلُ الثَّوْبُ مِنْ خَمْسٍ: مِنَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَالْقَيْءِ وَالدَّمِ وَالْمَنِيِّ»(3).
وقالوا: لو ابتلي شخص بالقيء عفي عنه في الثوب والبدن، وإن كثر كدم البراغيث والمراد بالابتلاء بذلك: أن يكثر وجوده بحيث يقل خلوه منه(4).
وعند الحنابلة: إنه نجس؛ لأنه طعام استحال في الجوف إلى الفساد أشبه الغائط(5).
واختلفت الرواية عن الإمام أحمد في العفو عن يسير القيء، فروي عنه أنه بمنزلة الدم؛ وذلك لأنه خارج من الإنسان نجس من غير السبيل، فأشبه الدم، وعنه أيضاً أنه لا يعفى عن شيء من النجاسة(6).
وذهب المالكية: فإن النجس عندهم من القيء هو المتغير عن حال الطعام ولو لم يشابه أحد أوصاف العذرة، ويجب غسله عن الثوب والجسد والمكان.
قال الدردير رحمه الله: فإن كان تغيره بصفراء أو بلغم ولم يتغير عن حال الطعام فطاهر.
وقال الدسوقي رحمه الله: فإذا تغير بحموضة أو نحوها فهو نجس وإن لم يشابه أحد أوصاف العذرة كما هو ظاهر المدونة، واختاره سند والباجي وابن بشير وابن شاس وابن الحاجب خلافاً للتنوسي وابن رشد وعياض حيث قالوا: لا ينجس القيء إلا إذا شابه أحد أوصاف العذرة(7).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)المبسوط(1/74) والهداية(1/30) والبدائع(1/58) ورد المحتار(4338) والشرح الصغير(1/139/140) وكفاية الأخيار(103) والأوسط(2/23/25) والمجموع(2/342) والكافي(1/40) والمغني(1/355).
(2)شرح فتح القدير(1/204) وحاشية ابن عابدين(1/309) والبدائع(1/219).
(3)رواه الدارقطني(1/127) قال النووي في المجموع(2/509) حديث عمار باطل لا يحتج به.
(4)المجموع (2/509) وحاشية الحبل(1/174) وحاشية البجيرمي(1/100) والمهذب(1/47) ومغني المحتاج(1/214).
(5)الكافي (1/87) ومنار السبيل(1/66).
(6)المغني(2/277/278) والإنصاف(1/331) وشرح العمدة(1/107).
(7)حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير(1/84) وشرح مختصر خليل(1/85) والتاج والإكليل(1/94) ومواهب الجليل(1/94).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/tAjcnm2CI6w
<iframe width=”727″ height=”409″ src=”https://www.youtube.com/embed/tAjcnm2CI6w” title=”YouTube video player” frameborder=”0″ allow=”accelerometer; autoplay; clipboard-write; encrypted-media; gyroscope; picture-in-picture” allowfullscreen></iframe>