الماء المتغير بطاهر يمكن الاحتراز منه
رقم الفتوى (12)
الماء المتغير بطاهر يمكن الاحتراز منه
السؤال:
ما حكم استعمال الماء الذي تغير بعد اختلاطه بطاهر يمكن الاحتراز منه كالصابون والسِدر والزعفران ونحوها هل يجوز التطهر به أم لا؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله وصلّى الله وسلم على رسول الله
أما بعد:
اختلف الفقهاء في الماء الذي خالطه طاهر يمكن الاحتراز منه على قولين:
القول الأول وهو الصحيح أنه طاهر مطهر وإليه ذهب الحنفية وأحمد في رواية، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وهذا القول هو الصواب(1).
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ﴾[النساء: 43] وهذا عام في كل ماء لأنه نكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي تعم؛ فلا يجوز التيمم مع وجوده (2).
وبقول النبي ﷺ في الرجل الذي وقصته ناقته فمات: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»(3) فلولا أنه طهور لما أمره أن يغتسل بذلك؛ لأن غسل الميت لا يجوز إلا بما يجوز به الوضوء، ولأنه طهور خالطه طاهر لم يسلبه اسم الماء ولا رقته ولا جريانه فأشبه المتغير بالدهن(4).
وبما ورد عن أم هانيء رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ اغْتَسَلَ هو وَمَيْمُونَةُ من إنَاءٍ وَاحِدٍ من قَصْعَةٍ فيها أَثَرُ الْعَجِينِ»(5).
والقول الثاني: أنه طاهر غير مطهر كماء اللحم والباقلاء فيجوز استعماله في العادات كالطبخ وغيره دون الوضوء والغسل وإليه ذهب المالكية والشافعية والحنابلة في المذهب.
قال صاحب «أسهل المدارك»: والمتغير بالطاهر كاللبن طاهر في نفسه غير طهور، يستعمل في العادات كالطبخ والشرب ولا يستعمل في العبادات كالوضوء والغسل(6).
وقال النووي رحمه الله: هذا الذي ذكرناه من منع الطهارة بالمتغير بمخالطة ما ليس بمطهر والماء يستغنى عنه هو مذهبنا، ومذهب مالك وداود وكذا أحمد في أصح الروايتين.
وقال أبو حنيفة: يجوز بالمتغير بالزعفران وكل طاهر سواء قل التغير أو كثر بشرط كونه يجري لا ثخينا إلا مرقة اللحم ومرقة الباقلاء (7).
واستدلوا على ذلك ـ أي المالكية والشافعيةـ أنه ماء تغير بمخالطة ما ليس بطهور يمكن الاحتراز منه فلم يجز الوضوء به كماء اللحم والباقلاء المغلي، ولأن اختلاط الماء بطاهر يمكن الاحتراز عنه كالزعفران ونحوه يمنعه الإطلاق، ولهذا لا يحنث بشربه الحالف ألا يشرب ماء(8).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجموع الفتاوى (21/25).
(2) المغني (1/36).
(3) رواه البخاري (1206) ومسلم (1206).
(4) تبين الحقائق (1/21) والبحر الرائق (1/71) وحاشية الطحطاوي (1/18) وشرح فيض القدير (1/72) والمغني (1/36).
(5) رواه ابن ماجه (1/37) والنسائي في الكبرى (242) والبيهقي في الكبرى (1/17) وابن حبان في صحيحه (1245) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (303).
(6) أسهل المدارك (1/38) ومواهب الجليل (1/59).
(7) المجموع (2/59/60).
(8) المغني (1/36) والإنصاف (1/32).
الفتوى بصيغة فيديو: