المقصود بخصال الفطرة وهل لها عدد معين أم لا؟
الفتوى رقم (38)
المقصود بالفطرة وعدد سننها
السؤال:
ما هو المقصود بالفطرة؟ وما الذي يتحصل للإنسان بفعلها؟ وهل هي منحصرة في عدد معين أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الفطرة هي: الخصال التي إذا فعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها، وحثهم عليها، واستحبها لهم، ليكون على أكمل الصفات وأحسن صورة.
وهي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء، واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي فطروا عليه(1).
ويتعلق بخصال الفترة مصالح دينية ودنيوية تدرك بالتتبع، منها: تحسين الهيئة، وتنظيف البدن جملة وتفصيلاً، والاحتياط للطهورين والإحسان إلى المخالط والمقرون بكف ما يتأذى به من رائحة كريهة، ومخالفة شعار الكفار من المجوس واليهود والنصارى وعُبَّاد الأوثان وامتثال أمر الشارع والمحافظة على ما أشار إليه قوله تعالى: ﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾[غافر:64] لما في المحافظة على هذه الخصال من مناسبة ذلك، وكأنه قيل: قد حَسَّنْتُ صورَكم فلا تُشَوِّهوها بما يُقَبِّحُها، أو حافظوا على ما يستمر به حسنها وفي المحافظة عليها محافظة على المروءة وعلى التالف المطلوب؛ لأن الإنسان إذا بدا في الهيئة الجميلة كان أدعى لانبساط النفس إليه، فيُقْبل قولُه ويُحمد رأيُه والعكس بالعكس(2).
وقد ورد في خصال الفطرة أحاديث منها:
1 ـ حديث ابن عمر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «من الْفِطْرَةِ حَلْقُ الْعَانَةِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَقَصُّ الشَّارِبِ»(3).
2 ـ حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ»(4).
3 ـ حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «عَشْرٌ من الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ ـ يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ ـ قال مُصْعَبٌ أحد رواة الحديث: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إلا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ»(5).
وقد وردت أحاديث الفطرة بألفاظ مختلفة فجاءت بلفظ: «عَشْرٌ من الْفِطْرَةِ» وبلفظ: «خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ» ونحو ذلك، والحاصل من ذلك أن هذا لا يراد به الحصر، وإنما يشار إلى ما هو الظاهر البين المحسوس منه والذي يدركه كل إنسان بطبعه، وهذا ما أشار به الإمام النووي رحمه الله وبين أن الخصال غير منحصرة في العشرة والمراد من الحديث أن معظمها عشرة فهو كقول الرسول ﷺ: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» وعضد قوله بالرواية التي تقول: «خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ»(6).
وقد ذكر ابن العربي المالكي رحمه الله: أن خصال الفطرة تبلغ ثلاثين خصلة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: فإذا أراد خصوص ما ورد بلفظ الفطرة فليس كذلك، وإن أراد أعم من ذلك فلا تنحصر في الثلاثين بل تزيد كثيرًا، وأقل ما ورد في خصال الفطرة حديث ابن عمر المذكور فإنه لم يذكر إلا ثلاثًا(7).
ومجموع الخصال التي ذكرت في الأحاديث التي معنا هي:
1 ـ الختان.
2 ـ الاستحداد ـ حلق العانة.
3 ـ قص الشارب.
4 ـ نتف الإبط.
5 ـ تقليم الأظفار.
6 ـ غسل البراجم.
7 ـ المضمضة والاستنشاق.
8 ـ انتقاص الماء ـ أي الاستنجاءـ.
9 ـ إعفاء اللحية.
10 ـ السواك.
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فتح الباري (10/32) وعمدة القارئ (22/45) ونيل الأوطار(1/109).
(2) فتح الباري (10/351).
(3) رواه البخاري (5890).
(4) رواه البخاري (5891) ومسلم (257).
(5) رواه مسلم (261).
(6) المجموع (1/352) وشرح مسلم (3/120).
(7) فتح الباري (10/350).