حكم الاستنجاء
الفتوى رقم (24)
حكم الاستنجاء
السؤال:
سؤال لفضيلتكم متى يكون الاستنجاء واجباً؟ وهل يلزمني الاستنجاء لكل وضوء أم لا؟
الإجابة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
يجب الاستنجاء على من قضى حاجته لوجود سببه وهو قضاء الحاجة، ولا يجب عليه الاستنجاء لكل وضوء إذا لم يوجد داعيه، فيجب الاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالمناديل أو أي شيء طاهر يزيل النجاسة عند جمهور الفقهاء المالكية في المشهور والشافعية والحنابلة، لقول النبي ﷺ: «إذا ذَهَبَ أحدكم إلى الْغَائِطِ فَلْيَذْهَبْ معه بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ يَسْتَطِيبُ بِهِنَّ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عنه»(1).
وقوله: «لَا يَسْتَنْجِي أحدكم بِدُونِ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ» وفي لفظ: «لقد نَهَانَا أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ من ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ»(2).
قالوا: فالحديث الأول أمر والأمر يقتضي الوجوب. وقال: «فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عنه» والإجزاء إنما يستعمل في الواجب، ونهى عن الاقتصار عن ثلاثة أحجار والنهي يقتض يقتضي التحريم، وإذا حرم ترك بعض النجاسة فجميعها أولى(3).
وذهب الإمام أبو حنيفة ومالك في رواية وهو قول المزني من أصحاب الشافعية إلى أن الاستنجاء سنة مؤكدة وليس بواجب، لكن يكره له ترك الاستنجاء لمواظبة النبي ﷺ له(4).
واحتجوا على ذلك بما رواه أبو داود أن النبي ﷺ قال: «مَنْ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ، من فَعَلَ فَقَدْ أَحْسَنَ وَمَنْ لَا فلا حَرَجَ»(5).
قالوا: فنفى الحرج عمن ترك الاستجمار فدل على أنه ليس بواجب، ولأنها نجاسة قليلة، والنجاسة القليلة معفو عنها.
لكن إذا تجاوزت النجاسة مخرجها وكانت أكثر من مقدار الدرهم وجب غسلها.
قال القرافي في «الذخيرة» بعد أن ذكر أن من ترك الاستنجاء وصلى بالنجاسة أعاد الصلاة أبدًا إذا كان عالمًا قادرًا…قال: ولمالك في العَتبية: لا إعادة عليه. ثم ذكر الحديث المتقدم.
قال: والوتر يتناول المرة الواحدة فإذا نفاها لم يبق شيء ولأنه محل تعم به البلوى فيعفى عنه فهذا يقتضي أن عند مالك قولاً بعدم الوجوب(6).
والقول الأول هو الصحيح لصحة الأدلة الواردة على وجوب الاستنجاء عند قضاء الحاجة وضعف أدلة القول الثاني.
ولا يلزمه الاستنجاء إلا عند قضاء الحاجة وأما الاستنجاء لكل صلاة لخروج الريح فلا يسن عند جمهور العلماء كماهو مفصل في الفتوى(25).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه أبو داود (35) والنسائي (44) وابن ماجه (337) وأحمد في المسند (6/108/133) والدارمي (670) والبيهقي في الكبرى (1/103) وصححه الألباني في الإرواء (44).
(2) مسلم (262).
(3) المغني (1/190/192) والمجموع (2/114) ونهاية المحتاج وحاشيته (1/128/129) وحاشية الدسوقي (1/178) والإفصاح (1/71) وكفاية الأخيار (71).
(4) بدائع الصنائع (1/76/77/81) وشرح فتح القدير (1/213) ورد المحتار (1/224) والبحر الرائق (1/253) والإفصاح (1/71) وأحكام القرآن للجصاص (3/367) ومختصر القدوري (1/21).
(5) رواه أبو داود (35) وابن ماجة (337) وغيرهما وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (32).
(6) الذخيرة (1/211).
الفتوى بصيغة فيديو: