حكم الاستنجاء باليمين
الفتوى رقم (28)
حكم الاستنجاء باليمين
السؤال:
قرأت مرة في حديث عن النهي بالاستنجاء باليمين، فهل هذا الحديث صحيح، وهل النهي فيه للحرمة أم أنه يجزئ الاستنجاء باليمين مع الكراهة؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله أما بعد:
اتفق العلماء على أن الاستنجاء باليمين منهي عنه؛ وذلك لحديث أبي قتادة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله ﷺ: «لَا يُمْسِكَنَّ أحدكم ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وهو يَبُولُ ولا يَتَمَسَّحْ من الْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ»(1). وفي صحيح مسلم من حديث سلمان رضي الله عنه وفيه: «….نهانا ـ أي النبي ﷺ ـ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ»(2).
إلا أنهم اختلفوا هل النهي هنا للتحريم أم للكراهة؟
فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه للكراهة؛ لأنه نهي تنزيه وأدب.
وذهب ابن نجيم من الحنفية وبعض الشافعية -كالشيرازي وسليم الرازي والمتولي والشيخ نصر المقدسي- إلى حرمة الاستنجاء باليمين.
لكن قال الإمام النووي رحمه الله: مراد من قال منهم: لا يجوز الاستنجاء باليمين أي لا يكون مباحًا مستوي الطرفين في الفعل والترك بل هو مكروه راجح الترك(3).
ومع القول بالتحريم فمن فعله أساء وأجزأه.
وقال بعض الحنابلة وطائفة من الشافعية: لا يجزئ.
قال الحافظ ابن حجر: قوله: (أي البخاري) باب النهي عن الاستنجاء باليمين أي باليد اليمنى، وعبر بالنهي إشارة إلى أنه لم يظهر له هل هو للتحريم أو للتنزيه أو أن القرينة الصارفة للنهي عن التحريم لم تظهر له، وهي أن ذلك أدب من الآداب وبكونه للتنزيه قال الجمهور، وذهب أهل الظاهر إلى أنه للتحريم، وفي كلام جماعة من الشافعية ما يشعر به، لكن قال النووي: مراد من قال منهم لا يجوز الاستنجاء باليمين أي لا يكون مباحاً يستوي طرفاه، بل هو مكروه راجح الترك، ومع القول بالتحريم فمن فعله أساء وأجزأه، وقال أهل الظاهر وبعض الحنابلة لا يجزئ.
ومحل هذا الاختلاف حيث كانت اليد تباشر ذلك بآلة غيرها كالماء وغيره، أما بغير آلة فحرام غير مجزئ بلا خلاف، واليسرى في ذلك كاليمنى والله أعلم(4).
وقال المناوي رحمه الله: والنهي عنه باليمين للتنزيه، وتمسك أهل الظاهر بظاهره فجعلوه للتحريم، وفي كلام بعض الشافعية ما يوافقه لكنه ضعيف وعلى التحريم يجزي، وقال الظاهرية وبعض الحنابلة لا، ومحل الخلاف ما لم تباشر اليد الإزالة بلا حائل، وإلا حرم ولم يجز اتفاقا واليسرى في هذا مثلها(5).
وقال أيضاً: قوله «ولا يتمسح بيمينه» أي لا يستنجي بها، فيكره عند الجمهور كما مر، أما التمسح بها بأن يجعلها مكان الحجر فيزيل بها النجاسة فحرام(6).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه البخاري (153) ومسلم (267).
(2) مسلم (262).
(3) البحر الرائق (1/255) وعمدة القارئ (2/296) وحاشية الطحطاوي (1/33) والذخيرة (1/210) والمغني (1/198) ونيل الأوطار (1/115) وشرح مسلم (3/128) والمجموع (2/129) وكشاف الإقناع (1/61).
(4) فتح الباري (1/305).
(5) فيض القدير (1/275).
(6) فيض القدير (1/386).
الفتوى بصيغة الفيديو