حكم البول قائماً
الفتوى رقم (30)
حكم البول قائماً
السؤال:
ما حكم البول قائماً لغير عذر وجزاكم الله خيراً؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله أما بعد:
يجوز البول قائماً من غير عذر مع الكراهة عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة؛ وذلك لقول عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «من حَدَّثَكُمْ أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ بَالَ قَائِمًا فلا تُصَدِّقُوهُ ما كان يَبُولُ إلا جَالِسًا»(1).
وقال جابر رضي الله عنه: «نَهى رسولُ الله ﷺ أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ قائِماً»(2) لكنه ضعيف جدًا.
وفي رواية عن الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يكره البول قائمًا ولو بلا عذر إن أمن أن تُرى عورته أو يصيبه البول.
فإن كان لعذر فليس بمكروه اتفاقًا.
قال الشافعي رحمه الله: ولا خلاف الأولى؛ لما ورد عن حذيفة رضي الله عنه: «أن النبي ﷺ أتى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا»(3).
وقيل: السبب في ذلك ما روي عن الشافعي وأحمد: أن العرب كانت تستشفي لوجع الصلب بذلك، فلعله كان به.
وقيل: إن ذلك كان لجرح في مأبضه، وقد روى الحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «إنما بال رسول الله ﷺ قائمًا لجرح كان في مأبضه»(4)، والمأبض باطن الركبة، فكأنه لم يتمكن لأجله من القعود. لكن قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ولو صح لكان فيه غِنى…لكن ضعفه الدارقطني والبيهقي، والأظهر أنه فَعَلَ ذلك لبيان الجواز، وكان أكثر أحواله البول عن قعود والله أعلم(5).
وفي قول عند الحنفية أن البول قائمًا مكروه كراهة تحريم لا تنزيه.
أما المالكية فقد فصلوا في ذلك فقالوا: إن كان المكان رخوًا طاهرًا كالرمل جاز فيه القيام، والجلوس أولى؛ لأنه أستر، وإن كان رخوًا نجسًا بال قائمًا مخافة أن تتنجس ثيابه، وإن كان صلبًا نجسًا تنحى عنه إلى غيره ولا يبول فيه لا قائمًا ولا جالسًا، وإن كان صلبًا طاهرًا تعين الجلوس لئلا يتطاير عليه شيء من البول وقد نظم ذلك الوانشريسي بقوله(6):
بِالطَّاهِرِ الصُّلْبِ اجْلِسِ وَقُمْ بِرَخْوٍ نَجِسِ
وَالنَّجِسُ الصُّلْبُ اجْتَنِبْ وَاجْلِسْ وَقُمْ إنْ تَعْكِسْ
والقول المختار أنه البول قائماً ليس ولكنه مكروه تنزيها إذا كان لغير عذر فإن كان لعذر فلا يكره ولكن الأفضل أن يبول الرجل قاعداً لأنه أستر للعورة وأحفظ من النجاسة.
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه النسائي (29) وابن ماجه (307) وغيرهم وصححه الألباني في الصحيحة (201) وقال النووي: إسناده جيد شرح مسلم (3/137).
(2)رواه البيهقي في الكبرى (1/102) وضعف بعض رواته وقال الألباني في ضعيف الجامع (6006): ضعيف جدًا.
(3)رواه البخاري (224/225/226) ومسلم (273).
(4) رواه الحاكم في المستدرك (1/290) والبيهقي في الكبرى (1/101) وضعفه الألباني في الإرواء (58).
(5) فتح الباري (1/394).
(6) انظر في هذا حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (1/35) وابن عابدين (1/344) والبحر الرائق (1/256) والاستذكار (1/360) والأوسط (1/336) والمجموع (2/104) وشرح مسلم (3/138) وحاشية الدسوقي (1/169) وبلغة السالك (1/62) ومواهب الجليل (1/267) ونيل الأوطار (1/107/109) والمغني (1/209) والإنصاف (1/99) والفروع (1/87) وشرح منتهى الإرادات (1/36) وكشاف الإقناع (1/65) ومنار السبيل(1/27).
الفتوى بصيغة فيديو: