حكم دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله
رقم الفتوى(35)
حكم دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله
السؤال:
ما حكم دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله تعالى؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ذهب فقهاء المذاهب الأربعة -إلا رواية عند الحنابلة- إلى كراهة دخول الإنسان الخلاء وهو مستصحب شيئًا فيه ذكر الله تعالى، وحجتهم في ذلك ما ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان النبي ﷺ إذا دخل الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ»(1).
قال الإمام الشيرازي رحمه الله: كان عليه «مُحَمَّدٌ رسول الله».
إلا أنهم اختلفوا في بعض التفصيلات، فمن ذلك دخول الخلاء بالمصحف.
فذهب المالكية والحنابلة والأذرعي من الشافعية إلى حرمة دخول الخلاء بالمصحف في غير حال الضرورة بخلاف غيره مما فيه قرآن أو ذكر، وهو الصحيح.
قال العدوي رحمه الله: يجب تنحية مصحف ولو مستورًا، ويكره الدخول بشيء فيه قرآن أو ذكر غير مستور، والدخول ببعض القرآن ليس كالدخول بكله، وذلك محمول على نحو صحيفة فيها آيات لا مثل جزء، فإنه يعطي حكم كله(2).
وقال في «الشرح الصغير»: من الآداب الأكيدة…ألا يدخل الكنيف أو يقضي حاجته بقضاء ومعه مكتوب فيه ذكر الله أو درهم أو خاتم مكتوب فيه ذلك، وكذا اسم نبي ولينحه قبل دخوله ندبًا أكيدًا، إلا القرآن فيحرم قراءته، والدخول بمصحف أو بعضه ولو آية، ما لم يكن حرزًا مستورًا بساتر، ومن الساتر جيبه، فوضعه في جيبه مثلاً يمنع الحرمة في المصحف، والكراهة في غيره وهذا ما لم يخف عليه الضياع، وإلا جاز الدخول به للضرورة(3).
وقال المرداوي رحمه الله في «الإنصاف»: وأما دخول الخلاء بمصحف من غير حاجة فلا شك في تحريمه قطعًا ولا يتوقف في هذا عاقل(4).
وقال الأذرعي رحمه الله: والمتجه تحريم إدخال المصحف ونحوه الخلاء من غير ضرورة إجلالا له وتكريمًا.
وقال في «إعانة الطالبين»(5): وينبغي حمل كلام الأذرعي على ما إذا خيف عليه التنجس.
وذهب الحنفية إلى أنه إذا كان ملفوفًا في شيء فلا بأس.
قال في «مجمع الأنهر»: ولو كان ما فيه شيء من القرآن أو من أسماء الله تعالى في جيبه لا بأس به وكذا لو كان ملفوفًا في شيء لكن التحرز أولى(6).
وقال الطحطاوي نقلاً عن «منية المصلي»: الأفضل ألا يدخل الخلاء وفي كمه مصحف إلا إذا اضطر ونرجو أن لا يأثم بلا اضطرار(7).
وهو مقتضى كلام الشافعية أنه لا يحرم أن يحمل المصحف في الخلاء ولكن يكره له ذلك(8).
وعلى هذا فمن اضطر إلى دخول الخلاء بما فيه ذكر الله جاز له إدخاله ولم يحرم ولا يكره له ذلك. نص على ذلك الحنفية والمالكية والشافعية واكتفى الحنابلة بأن تتحقق الحاجة إليه(9).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه أبو داود (19) والترمذي (1746) وابن ماجه (303) قال النسائي هذا حديث غير محفوظ، وقال أبو داود منكر وذكر الدارقطني الاختلاف فيه وأشار إلى شذوذه وصححه الترمذي قال النووي هذا مردود عليه انظر تلخيص الحبير (1/108) وضعفه الألباني في ضعيف الجامع(4390).
(2) العدوي على الخرشي (1/145).
(3) الشرح الصغير(1/65).
(4) الإنصاف(1/94).
(5)إعانة الطالبين(1/109).
(6) مجمع الأنهر (1/43).
(7) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح(1/36).
(8) إعانة الطالبين (1/109) وروضة الطالبين(1/217/219).
(9) حاشية الطحطاوي (1/36) وشرح منية المصلى (60) ومجمع الأنهر (1/43/101) ومواهب الجليل (1/273/275) وبلغة السالك على الشرح الصغير (1/65) وإعانة الطالبين (1/109) ومغن ي المحتاج (1/40) والمجموع (2/91) والمهذب (1/25) وحاشية الدسوقي (1/174) والإنصاف (1/94) وكشاف القناع (1/59) والمغني (1/212) وكفاية الأخيار(74/75).
الفتوى بصيغة الفيديو