كيفية المسح على الجبيرة وهل يشترط مسح كل الجبيرة؟
الفتوى رقم (130)
كيفية المسح على الجبيرة وهل يشترط مسح كل الجبيرة؟
السؤال:
كيف يمسح من وضع الجبيرة؟ وهل يشترط عليه أن يمسح الجبيرة كلها؟ أم لا يشترط مسح جميعها؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله أما بعد:
ذكر أهل العلم كيفية تطهير واضع الجبيرة، فذكروا أنه إذا أراد واضع الجبيرة الطهارة فليفعل ما يأتي:
أولاً: يغسل الصحيح من أعضائه؛ لأن كسر العضو لا يزيد على فقده، ولو فقده وجب غسل الباقي قطعاً.
ثانياً: يمسح على الجبيرة.
وهذا باتفاق، إلا قولاً حكاه الرافعي عن حكاية الحناطي أنه يكفيه التيمم ولا يمسح الجبيرة بالماء، ونقله صاحب العدة أيضاً واختاره القاضي أبو الطيب.
قال النووي رحمه الله: والمذهب الأول، -أي إنه يمسح على الجبيرة-.
ويجب استيعاب الجبيرة بالمسح عند المالكية والشافعية في المذهب والحنابلة ومقابل الأصح عند الحنفية.
وفي الأصح عند الحنفية لا يشترط الاستيعاب، قال في الدر المختار: (ولا يشترط) في مسحها استيعاب وتكرار في الأصح (فيكفي مسح أكثرها) مرة به يفتى.
وقال الكاساني رحمه الله: ولو ترك المسح على بعض الجبائر ومسح على الأكثر جاز، وإلا فلا، بخلاف مسح الرأس والمسح على الخفين، فإنه لا يشترط فيهما الأكثر؛ لأن هناك وَرَدَ الشرع بالتقدير، فلا تشترط الزيادة على الُمقَدَّرِ، وهاهنا لا تقدير من الشرع، بل ورد بالمسح على الجبائر فظاهره يقتضي الاستيعاب، إلا أن ذلك لا يخلو عن ضرب حرج، فأقيم الأكثر مقام الجميع، والله أعلم.
أما الشافعية فقد قال النووي رحمه الله في المجموع: وهل يجب استيعاب الجبيرة بالمسح كالوجه في التيمم؟ أم يكفي مسح ما ينطلق عليه الاسم كالرأس والخف؟
فيه وجهان مشهوران: أصحهما عند الأصحاب يجب الاستيعاب..وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد.
هذا إذا كانت الجبيرة موضوعه على قدر الجراحة فقط.
فإن كانت زائدة عن قدر الجراحة فعند الحنفية والمالكية يمسح على الزائد تبعاً إن كان غسل ما تحت الزائد يضر.
وعند الشافعية والحنابلة: يمسح من الجبيرة على كل ما حاذى محل الحاجة، ولا يجب المسح على الزائد بدلاً عما تحتها.
قال الشافعية: يجب غسل ما يمكن غسله حتى ما تحت أطراف الجبيرة من الصحيح، بأن يضع خرقة مبلولة ويعصرها لتغسل تلك المواضع بالمتقاطر، ويكفي المسح على الجبيرة مرة واحدة وإن كانت في محل يغسل ثلاثاً.
وفي مقابل الأصح عند الحنفية: أنه يسن تكرار المسح؛ لأنه بدل عن الغسل والغسل يسن تكراره فكذا بدله. وهذا إذا لم تكن على الرأس.
ثالثاً: زاد الشافعية في المشهور عندهم التيمم مع الغسل والمسح، أي إنه يجب عليه أن يتيمم بعد أن يغسل الصحيح من أعضائه وبعد أن يمسح على الجبيرة.
قال الإمام النووي رحمه الله: وأما التيمم مع غسل الصحيح ومسح الجبيرة بالماء ففيه طريقان أصحهما وأشهرهما والتي قطع الجمهور بها أن فيه قولين: أصحهما: عند الجمهور وجوبه وهو نصه في الأم والبويطي والكبير.
والثاني: لا يجب، وهو نصه في القديم وظاهر نصه في المختصر، وصححه الشيخ أبو حامد والجرجاني والروياني في الحلية.
قال العبدري: وبهذا قال أحمد وسائر الفقهاء.
والطريق الثاني: حكاه الخراسانيون وصححه المتولي منهم أنه إن كان ما تحت الجبيرة عليلاً لا يمكن غسله لو كان ظاهراً وجب التيمم كالجريح، وإن أمكن غسله لو ظهر لم يجب التيمم كلابس الخف والمذهب الوجوب.
قال في المهذب: لحديث جابر رضي الله عنه: «أن رجلاً أصابه حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه هل تجدون رخصة لي في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فقال النبي ﷺ: إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على رأسه خرقة يمسح عليها ويغسل سائر جسده».
قال الشيرازي رحمه الله: ولأنه يشبه الجريح؛ لأنه يترك غسل العضو لخوف الضرر ويشبه لابس الخف؛ لأنه لا يخاف الضرر من غسل العضو، وإنما يخاف المشقة من نزع الحائل كلابس الخف، فلما اشتبها وجب عليه الجمع بين المسح والتيمم.
وقد ذكر الحنابلة لوجوب التيمم مع الغسل والمسح حالتين:
الحالة الأولى: فيما إذا وضع الجبيرة على غير طهارة وخاف من نزعها على القول بأن الطهارة شرط للمسح على الجبيرة.
والثانية: إن واضع الجبيرة إذا جاوز بها موضع الحاجة وخاف من نزعها فإنه يغسل الصحيح ويمسح على الجبيرة ويتيمم لما زاد على قدر الحاجة؛ لأنه موضع يخاف الضرر باستعمال الماء فيه، فيتيمم له كالجرح نفسه.
قال ابن قدامة رحمه الله: ولأن ما على موضع الحاجة يقتضي المسح والزائد يقتضي التيمم.
رابعاً: إن كانت العصابة بالرأس، فإن كان بقي من الرأس قدر ما يكفي المسح عليه مسح عليه وإلا فعلى العصابة، وهذا على قول الحنفية والشافعية والحنابلة في قول؛ لأن الفرض عندهم هو مسح بعض الرأس، أما من يقول إن الفرض مسح جميع الرأس كالمالكية والحنابلة في المذهب فإنه يمسح على العصابة وعلى ما بقي من الرأس، وهذا في الوضوء، أما في الغسل فإنه يمسح على العصابة ويغسل الباقي(1).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)رد المحتار(1 /470/473) والبدائع(1/58/63) والزيلعي(1/45/53)
والدسوقي(1/162/165) ومنح الجليل(1/96/97) وجواهر الإكليل(1/30)
والشرح الصغير(1/140/141) والمجموع(2/341/343) وأسنى المطالب(1/82)
ونهاية المحتاج(1/265/266) وكفاية الأخيار(103/104) والمغني(1/356/357)
وكشاف القناع(1/114/120) وشرح منتهى الإرادات(1/62).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/bRmw2vxyzqY