ما الحكم إذا اجتمع شيئان يوجبان الغسل فنواهما مرة واحدة؟
الفتوى رقم(143)
ما الحكم إذا اجتمع شيئان يوجبان الغسل فنواهما مرة واحدة؟
السؤال:
إذا اجتمع شيئان يوجبان الغسل فنواهما مرة واحدة هل يجزئه الغسل أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
إذا اجتمع شيئان يوجبان الغسل كالحيض والجنابة أو التقاء الختانين والإنزال ونواهما بطهارته أجزأه عنهما في قول أكثر أهل العلم، منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد؛ لأن النبي ﷺ لم يكن يغتسل من الجماع إلا غسلاً واحداً، وهو يتضمن شيئين إذ هو لازم للإنزال في غالب الأحوال، ولأنهما سببان يوجبان الغسل، فأجزأ الغسل الواحد عنهما كالحدث والنجاسة، وهكذا الحكم إذا اجتمعت أحداث توجب الطهارة الصغرى كالنوم وخروج النجاسة واللمس -بشهوة- فنواها بطهارته أو نوى رفع الحدث أو استباحة الصلاة أجزأ عن الجميع(1).
قال ابن قدامة رحمه الله: وإن نوى أحدهما أو نوت المرأة الحيض دون الجنابة فهل تجزئه عن الأخرى؟ على وجهين:
أحدهما: تجزئه عن الآخر؛ لأنه غسل صحيح نوى به الفرض فأجزاه كما لو نوى استباحة الصلاة.
والثاني: تجزئه كما نواه دون ما لم ينوه؛ لقول النبي ﷺ: «إِنَّمَا لِكُلِّ أمرئ ما نَوَى»(2)، وهكذا لو اغتسل للجمعة هل تجزئه عن الجنابة على وجهين
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: قوله: «وإنما لكل امرئ ما نوى» قال ابن دقيق العيد: الجملة الثانية تقتضي أن من نوى شيئًا يحصل له -يعني إذا عمله بشرائطه- أو حال دون عمله له ما يعذر شرعاً بعدم عمله وكل ما لم ينوه لم يحصل له. ومراده بقوله: ما لم ينوه أي لا خصوصاً ولا عموماً، أما إذا لم ينو شيئًا مخصوصاً لكن كانت هناك نية عامة تشمله فهذا مما اختلفت فيه أنظار العلماء. ويتخرج عليه من المسائل ما لا يحصى.
وقد يحصل غير المنوي لمدرك آخر كمن دخل المسجد فصلى الفرض أو الراتبة قبل أن يقعد فإنه يحصل له تحية المسجد نواها أو لم ينوها؛ لأن القصد بالتحية شغل البقعة وقد حصل.
وهذا بخلاف من اغتسل يوم الجمعة عن الجنابة فإنه لا يحصل له غسل الجمعة على الراجح؛ لأن غسل الجمعة ينظر فيه إلى التعبد لا إلى محض التنظيف، فلا بد فيه من القصد إليه بخلاف تحية المسجد والله أعلم(3).اهـ.
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المغني(1/288).
(2) رواه البخاري(1).
(3) المغني(1/288) فتح الباري لابن حجر(1/20/21).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/d5V94xV0Wys