ما حكم التسمية في أول الوضوء؟
الفتوى رقم (82)
حكم التسمية في أول الوضوء
السؤال:
هل التسمية في الوضوء واجبة أم سنّة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
اختلف الفقهاء في حكم التسمية في الوضوء، والصحيح أنها سنة وليست واجبة؛ لعدم ثبوت حديث صحيح بوجوب التسمية، والحديث الوارد فيها ضعيف ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء الحنفية والشافعية والإمام أحمد في الرواية الثانية عنه، وقالوا: أن التسمية في الوضوء سنّة من سننه وليست واجبة؛ والدليل على أن التسمية سنّة ما رواه النسائي بإسناد جيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النبي ﷺ وَضُوءًا فقال رسول الله ﷺ: هل مع أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ؟ فَوَضَعَ يَدَهُ في الْمَاءِ وَيَقُولُ: توضؤوا بِسْمِ الله -أي قائلين بسم الله- فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَخْرُجُ من بَيْنِ أَصَابِعِهِ حتى توضؤوا من عِنْدِ آخِرِهِمْ قال ثَابِتٌ: قلت لِأَنَسٍ كَمْ تُرَاهُمْ؟ قال: نَحْوًا من سَبْعِينَ»(1).
والدليل على أنها غير واجبة أنه لم يثبت دليل صحيح صريح في وجوب التسمية، وأن الحديث الوارد فيها فهو ضعيف لم يثبت عن النبي.
قال ابن المنذر رحمه الله: ليس في هذا الباب خبر ثابت يوجب إبطال وضوء مَنْ لم يذكر اسم الله عليه، فالاحتياط أن يسمي الله من أراد الوضوء والاغتسال، ولا شيء على مَنْ ترك ذلك.أهـ
قالوا: ولأنها طهارة لا تفتقر إلى التسمية كالطهارة من النجاسة، ولأن المطلوب من المتوضئ هو الطهارة، وترك التسمية لا يقدح فيها، ولأنها عبادة لا تجب فيها التسمية كسائر العبادات، ولأن الأصل عدم الوجوب.
أما المالكية فقال صاحب «الطراز»: استحسنها مالك رحمه الله مرة، وأنكرها مرة وقال: أهو يذبح؟ ما علمت أحداً يفعل ذلك، ونقل ابن شاس عنه التخيير، وعن ابن زياد الكراهة.
قال الدسوقي رحمه الله: المشهور من المذهب أن التسمية من فضائل الوضوء، خلافاً لمن قال بعدم مشروعيتها وإنها تكره(3).
وذهب الإمام أحمد في رواية وهي المذهب عند الحنابلة إلى وجوب التسمية في الوضوء مع الذكر، وتسقط مع السهو، وكذا الغسل والتيمم؛ لقول النبي ﷺ: «لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ وُضُوءَ له وَلاَ وُضُوءَ لِمَنْ لم يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عليه»(3)، وإذا ذكرها في أثناء الوضوء أتى بها حيث ذكرها.
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه النسائي(78) وقال الألباني رحمه الله: صحيح الإسناد.
(2) رد المحتار(1/251) والبدائع(1/85) والذخيرة(1/284) وكفاية الطالب(1/229) وحاشية الدسوقي(1/166) والأوسط(1/367/368) ونيل الأوطار(1/167) والروض المربع(1/43) والمغني(1/127) ومغني المحتاج(1/168) والتحقيق(1/100) ومنار السبيل(1/33) وعون المعبود(1/121) والمجموع(1/407).
(3) رواه الترمذي(25) وابن ماجه(398) من حديث سعيد بن زيد ت وحسنه الألباني رحمه الله في الإرواء(81).
الفتوى بصيغة فيديو: