ما حكم رطوبة فرج المرأة؟
الفتوى رقم(187)
ما حكم رطوبة فرج المرأة؟
السؤال:
هل رطوبة فرج المرأة طاهرة أم نجسة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
رطوبة فرج المرأة وهي: ماء أبيض متردد بين المذي والعرق(1).
رطوبة فرج المرأة الخارج طاهر بالاتفاق، والصحيح أن رطوبة فرج المرأة الداخلي نجس؛ لأنه في الفرج لا يخلق منه الولد أشبه المذي، ولأنها رطوبة متولدة في محل النجاسة فكانت نجسة، وهو قول المالكية والصاحبين من الحنفية أبو يوسف ومحمد.
إليك التفصيل في المسألة:
ذهب الإمام أبو حنيفة وهو الصحيح عند الشافعية والحنابلة إلى طهارة رطوبة فرج المرأة(2).
قال النووي رحمه الله: ولا فرق بين رطوبة فرج المرأة وغيرها من الحيوانات الطاهرة(3).
قال ابن قدامة رحمه الله: لأن عائشة رضي الله عنها كانت تفرك المني من ثوب رسول الله ﷺ، وهو من جماع، فإنه ما احتلم نبي قط، وهو يلاقي رطوبة الفرج، ولأننا لو حكمنا بنجاسة فرج المرأة لحكمنا بنجاسة منيها، لأنه يخرج من فرجها فيتنجس برطوبته.
وقال القاضي من الحنابلة: ما أصاب منه حال الجماع فهو نجس؛ لأنه لا يسلم من المذي وهو نجس، ولا يصح التعليل لأن الشهوة إذا اشتدت خرج المني دون المذي كحال الاحتلام(4).
ذهب المالكية وأبو يوسف ومحمد من الحنفية وهو خلاف الأصح عند كلٍّ من الشافعية و الحنابلة إلى نجاسة رطوبة فرج المرأة الداخلي؛ لأنه في الفرج لا يخلق منه الولد أشبه المذي، ولأنها رطوبة متولدة في محل النجاسة فكانت نجسة.
أما الخارج فهو طاهر بالاتفاق(5).
واستدلوا على ذلك بحديث زيد بن خالد رضي الله عنه أنه سأل عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: «أَرَأَيْتَ إذا جَامَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ولم يُمْنِ؟ قال عُثْمَانُ: يَتَوَضَّأُ كما يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ قال عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ من رسول الله ﷺ» رواه البخاري و مسلم، وزاد البخاري: فسأل علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأبي بن كعب فأمروه بذلك(6).
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قال: «يا رَسُولَ الله إذا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فلم يُنْزِلْ؟ قال يَغْسِلُ ما مَسَّ الْمَرْأَةَ منه ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي»(7).
قال النووي رحمه الله: وهذان الحديثان في جواز الصلاة بالوضوء بلا غسل منسوخان…. وأما الأمر بغسل الذكر وما أصابه منها فثابت غير منسوخ وهو ظاهر في الحكم بنجاسة رطوبة الفرج والقائل الآخر يحمله على الاستحباب لكن مطلق الأمر للوجوب عند جمهور الفقهاء(8).
وقال في شرح مسلم: وقد استدل جماعة من العلماء بهذا الحديث على طهارة رطوبة فرج المرأة وفيها خلاف مشهور عندنا وعند غيرنا والأظهر طهارتها.
وتعلق المحتجون بهذا الحديث بأن قالوا: الاحتلام مستحيل فى حق النبي ﷺ، لأنه من تلاعب الشيطان بالنائم فلا يكون المنى الذي على ثوبه ﷺ إلا من الجماع ويلزم من ذلك مرور المنى على موضع أصاب رطوبة الفرج، فلو كانت الرطوبة نجسة لتنجس بها المنى ولما تركه فى ثوبه ولما اكتفى بالفرك.
وأجاب القائلون بنجاسة رطوبة فرج المرأة بجوابين:
أحدهما: جواب بعضهم أنه يمتنع استحالة الاحتلام منه ﷺ وكونها من تلاعب الشيطان، بل الاحتلام منه جائز ﷺ وليس هو من تلاعب الشيطان، بل هو فيض زيادة المني يخرج في وقت.
والثانى: أنه يجوز أن يكون ذلك المني حصل بمقدمات جماع فسقط منه شيء على الثوب وأما المتلطخ بالرطوبة فلم يكن على الثوب والله أعلم(9).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1)المجموع (2/526).
(2)المجموع(2/256) وأسنى المطالب(1/13) ومغني المحتاج(1/220) وشرح مسلم للنووي(3/167) وحاشية ابن عابدين(1/166/349) وحاشية الطحطاوي(1/64) والكافي(1/87) والإنصاف(1/341) وكشاف القناع(1/195) والمبدع(2/255).
(3)المجموع(2/526).
(4)المجموع(2/256) وأسنى المطالب (1/13) ومغني المحتاج(1/220) وشرح مسلم للنووي(3/137) وحاشية ابن عابدين(1/166/349) وحاشية الطحطاوي(1/64) والكافي(1/87) والإنصاف (1/341) وكشاف القناع (1/195) والمبدع(2/255).
(5)حاشية ابن عابدين(1/564) وحاشية الطحطاوي(1/64) والمهذب(1/48)والمجموع(2/246) ومغني المحتاج(1/219) وحاشية قليوبي(1/82) والمغني(2/283) والإنصاف(1/341) والمبدع(1/255) وحاشية الدسوقي(1/93) ومواهب الجليل(1/105).
(6)البخاري(292) وعنون عليه بقوله باب ما يصيب من فرج المرأة. ومسلم(346).
(7)رواه البخاري(289).
(8)المجموع.
(9)شرح صحيح مسلم(3/198، 199).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://www.youtube.com/watch?v=pXlCdyZ7N2w
https://www.youtube.com/watch?v=pXlCdyZ7N2w