ما حكم فاقد الطهورين الماء والتراب؟
الفتوى رقم(178)
ما حكم فاقد الطهورين الماء والتراب؟
السؤال:
ما حكم فاقد الطهورين الماء والتراب، كيف يصنع؟
الجواب:
الحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،أما بعد:
فاقد الطهورين: هو الذي لم يجد ماءً ولا صعيداً يتيمم به لمانع كمن حبس في مكان ليس فيه واحد منهما، أو في موضع نجس ليس فيه ما يتيمم به وكان محتاجاً للماء الذي معه لعطشٍ كالمصلوب وراكبِ سفينةٍ لا يَصِلُ إلى الماء كمن لا يستطيع الوضوء ولا التيمم لمرض ونحوه.
فقد اختلف الفقهاء في حكمه على أقوال عديدة، والصحيح أنه يصلي على حسب حاله ولا يعيد، وإليه ذهب الإمام أحمد في الصحيح من مذهبه وهي إحدى الروايات عن الإمام مالك والشافعي وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
قال النووي رحمه الله: وهو مذهب المزني، وهو أقوى الأقوال دليلاً، ويعضده هذا الحديث: أن النبي ﷺ بعث أناساً لطلب قلادة أضلتها عائشة، فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء، فلما أتو النبي ﷺ شكوا ذلك إليه، فنزلت آية التيمم»(1)، ولم ينكر النبي ﷺ ذلك ولا أمرهم بالإعادة، فدل على أنها غير واجبة، والقضاء إنما يجب بأمر جديد ولم يثبت الأمر فلا يجب، ولأنه أتى بما أمر فخرج عن عهدته، ولأنه شرط من شرائط الصلاة فيسقط عند العجز عنه، كسائر شروطها وأركانها، ولأنه أدى فرضه على حسبه فلم يلزمه الإعادة، كالعاجز عن القيام إذا صلى جالساً.
وذهب الإمام أبو حنيفة والإمام مالك في رواية وهي إحدى الروايات عن الإمام الشافعي إلى أنه يؤخر الصلاة حتى يجد الماء أو الصعيد.
ووجهة هذا القول: أي: القول بعدم الصلاة في الحال قوله ﷺ: «لَا يَقْبَلُ الله صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ»، وما لا يقبل لا يجوز فعله، ولأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أجنب ولم يعلم أن الجنب يتيمم فلم يصل كما في الصحيحين.
وذهب الإمام الشافعية في الصحيح من المذهب والإمام مالك في رواية وهي إحدى الروايتين عن الإمام أحمد إلى أنه يصلي على حسب حاله وتجب عليه الإعادة، أما الصلاة فلقولهﷺ:«إذا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ»(2)، وأما الإعادة فلأنه عذر نادر فصار كما لو نسي عضواً من أعضاء طهارته وصلى فإنه يجب عليه الإعادة.
وذهب الإمام الشافعي في قول إلى أنه لا يجب عليه الصلاة، ولكن يستحب ويجب القضاء سواء صلى أم لم يصل.
وذهب الإمام مالك في رواية إلى أن فاقد الطهورين تسقط الصلاة عنه أداء وقضاء كالحائض، حكى هذا القول عن مالك ابن خويز منداد، وقال: إنه الصحيح من مذهب مالك.
لكن تعقب ذلك ابن عبد البر رحمه الله وقال: ما أعرف كيف أقدم على أن جعل هذا هو الصحيح من المذهب، مع خلافه جمهور السلف وعامة الفقهاء وجماعة المالكية.
ثم قال: وهذا قول ضعيف مهجور شاذ مرغوب عنه(3).أهـ.
المفتي:الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)رواه البخاري(3562/4869) ومسلم(367).
(2)رواه البخاري(6858) ومسلم(1337).
(3)رد المحتار(1/423) والشرح الصغير(1/138/139) والاستذكار(1/305) والتمهيد(19/275) والذخيرة(1/300) والأوسط(2/45/46) والمجموع(2/306) وشرح مسلم(4/54) وطرح التثريب(1/444) وكفاية الأخيار(129) والمغني(1/324/325) وكشاف القناع(1/171) وحاشية ابن القيم على سنن أبي داود(1/61) ومجموع الفتاوى(21/467) والإفصاح(1/94) وتفسير القرطبي(6/105).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/G_KHnSMys6M