ما حكم مسح الأذنين في الوضوء؟
الفتوى رقم (85)
حكم مسح الأذنين في الوضوء
السؤال:
هل مسح الأذنين في الوضوء واجب أم سنة؟ وهل يسن أخذ ماء جديد للأذنين؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الصحيح من أقوال الفقهاء أن مسح الأذنين في الوضوء سنة من سننه، وإلى هذا ذهب الحنفية والمالكية في المشهور والشافعية أن مسح الأذنين سنة من سنن الوضوء، فلو ترك المتوضئ مسح الأذنين جاز؛ لما روي أن النبي ﷺ قال للأعرابي: «تَوَضَّأْ كما أَمَرَكَ اللهُ»(1)، وليس فيما أمر الله مسح الأذنين، ويستحب أن يمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما، فظاهرهما ما يلي الرأس، وباطنهما ما يلي الوجه؛ لما روى المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه: «أَنْ الْنَّبِي ﷺ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ فِيْ صْمَاغٍ أُذُنَيْهِ»(2).
وذهب الحنابلة وابن مسلمة والأبهري من المالكية إلى وجوب مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما لأنهما من الرأس؛ لقول النبي ﷺ: «الْأُذُنَانِ من الرَّأْسِ»(3).
ويسن أن يأخذ لأذنيه ماء جديد غير الذي مسح به رأسه، وبه قال المالكية والشافعية والحنابلة وأبو حنيفة في رواية عنه؛ لحديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه أنه رأى النبي ﷺ: «يَتَوَضْأ فَأَخَذَ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ الْمَاءِ الذي أَخَذَ لِرَأْسِهِ»(4)؛ ولأنه عضو يتميز عن الرأس في الاسم والخلقة فلا يتبعه في الطهارة كسائر الأعضاء.
وذهب الحنفية إلى أنه يُسن أن يمسح الأذنين بماء الرأس؛ لما روي عن النبي ﷺ: «الْأُذُنَانِ من الرَّأْسِ»، ومعلوم أنه ما أراد بيان الخلقة، بل بيان الحكم، فواجب إذا كان كذلك أن تمسحا معه بماء واحد كما يمسح سائر أبعاض الرأس، إلا أنه لا ينوب المسح عليهما عن مسح الرأس؛ لأن دليل مسح الرأس ثبت بدليل مقطوع به.
قال ابن عابدين رحمه الله نقلاً عن «الخلاصة»: ولو أخذ لأذنيه ماء جديداً فهو حسن، وذكره منلا مسكين رواية عن أبي حنيفة. قال في «البحر»: فاسْتُفيد منه أن الخلاف بيننا وبين الشافعي في أنه إذا لم يأخذ ماء جديداً ومسح بالبلة الباقية هل يكون مقيماً للسنة؟ فعندنا نعم، وعنده لا.
أما لو أخذ ماء جديداً مع بقاء البلة فإنه يكون مقيماً للسنة اتفاقاً(5).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه أبو داود(861) والترمذي(303) وحسنه والنسائي في الكبرى(1631) والبيهقي في الكبرى(2/380) وابن خزيمة في صحيحه(1/274) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود(767).
(2) رواه أبو داود(121) وابن الجارود في المنتقى(74) وحسنه النووي في المجموع(1/468) وصححه الألباني في صحيح أبي داود(112).
(3) رواه أبو داود(134) وابن ماجه(443، 444، 445) وصححه الألباني في صحيح الجامع(2765).
(4) رواه الحاكم(1/252، 253) والبيهقي(1/65) وقال: إسناده صحيح، وحسنه النووي في المجموع(1/368) ولكن أعل الشيخ الألباني رحمه الله هذه اللفظة، ألا وهي «فَأَخَذَ لِأُذُنَيْهِ مَاءً خِلَافَ الْمَاءِ الذي أَخَذَ لِرَأْسِهِ» ـ بالشذوذ والصواب ومسح برأسه بماء غير فضل يديه كما في الضعيفة(2/494، 3/45).
(5) رد المحتار(1/243) وأحكام القرآن للجصاص(3/361) والبدائع(1/97) والبحر الرائق(1/28) وبداية المجتهد(1/35) وحاشية الدسوقي(1/159) والأوسط(1/405) ومواهب الجليل(1/248) والمجموع(1/468، 470) وكفاية الأخيار(68) والمغني(1/130) وكشاف القناع(1/100) ومنار السبيل(1/33).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/qr55Jk77ajs