ما هو حد البعد عن الماء الذي يبيح التيمم؟
الفتوى رقم (157)
ما هو حد البعد عن الماء الذي يبيح التيمم؟
السؤال:
ما هو حد البعد عن الماء الذي يبيح التيمم؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
اختلف الفقهاء في حد البعد عن الماء الذي يبيح التيمم، فذهب الحنفية في المختار عندهم إلى أنه ميلٌ(1)، وهو ما يساوي أربعة آلاف ذراع، فإن زاد على ذلك لم يلزمه طلبه.
وقالوا: إن لم يكن بحضرته أحد يخبره بقرب الماء ولا غلب على ظنه أيضاً قرب الماء لا يجب عليه الطلب ولو كان أقل من ميل.
وحده المالكية بميلين، لكنهم قالوا: إن لهذه المسألة -وهي مسألة طلب الماء في كل حالة- لها ثلاث صور:
الأولى: أن يكون الماء المطلوب للوضوء محقق العدم في المكان المطلوب منه أو مظنون العدم؛ فلا يجب على المكلف طلبه مطلقاً، سواء كان الماء على بعد ميلين أم لا، وسواء كان فيه مشقة أم لا.
الثانية: أن يكون الماء المطلوب محقق الوجود أو مظنونه أو مشكوكه؛ فيلزمه طلبه بشرطين:
الأول: أن يكون بعده أقل من ميلين.
والثاني: ألا تحصل مشقة في الطلب.
الثالثة: أن يكون الماء المطلوب محقق الوجود أو مظنونه أو مشكوكه وكان بعد ميلين فأكثر أو كان في طلبه مشقة أو فوات رفقة ولو كان على أقل من ميلين؛ فلا يجب عليه طلبه.
وحده الشافعية بأربعمائة ذراع، وهو حد الغوث، وهو مقدار غلوة (رمية سهم)، وذلك في حالة توهمه للماء أو ظنه أو شكه فيه، فإن لم يجد ماء وتيقن فقد الماء حوله تيمم بلا طلب، أما إذا تيقن وجود الماء حوله طلبه في حد القرب (وهو ستة آلاف خطوة)، ولا يطلب الماء سواء في حد القرب أو الغوث إلا إذا أمن على نفسه وماله وانقطاعه عن الرفقة.
أما الحنابلة: فقال ابن قدامة: وصفة الطلب أن يطلبه في رحله ثم إن رأى خضرة أو شيئًا يدل على الماء قصده فاستبرأه، وإن كان بقربة ربوة أو شيء قائم أتاه وأتى عنده، وإن لم يكن نظر أمامه ووراءه وعن يمينه ويساره، وإن كانت له رفقة يدل عليهم طلب منهم، ومن وجد من له خبرة بالمكان سأله عن مياهه، فإن لم يجد فهو عادم، وإن دل على ماء لزمه قصده إن كان قريباً ما لم يخف على نفسه أو ماله أو يخشى فوات رفقته ولم يفت الوقت قال وهذا مذهب الشافعي (2).
قال الإمام ابن رشد رحمه الله: هل الطلب شرط في جواز التيمم عند عدم الماء أم لا؟
فإن مالكًا رحمه الله اشترط الطلب، وكذلك الشافعي، ولم يشترطه أبو حنيفة.
وسبب اختلافهم في هذا هو هل يسمى من لم يجد الماء دون طلب غير واجد للماء أم ليس يسمى غير واجد للماء إلا إذا طلب الماء فلم يجده؟
لكن الحق في هذا أن يعتقد أن المتيقن لعدم الماء إما بطلب متقدم، وإما بغير ذلك هو عادم للماء، وأما الظان فليس بعادم للماء، ولذلك يضعف القول بتكرر الطلب الذي في المذهب في المكان الواحد بعينه ويقوى اشتراطه ابتداء إذا لم يكن هنالك علم قطعي بعدم الماء(3).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الميل بالمقاييس العصرية يعادل 1680 متراً (المقادير الشرعية والأحكام الفقهية المتعلقة بها للكردي ص 300).
(2) البدائع(1/177) ورد المحتار(1/396) وبلغة السالك(1/129/131) والدسوقي(1/153) والفواكه الرواندي(1/154) والخلاصة الفقهية(1/36) والمغني(1/37) ومغني المحتاج(1/88) وكفاية الأخيار(94/95) والمغني(1/307) والأوسط(2/35).
(3) بداية المجتهد(1/48، 49).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/HXtsRzESVMw