مباشرة السواك باليمين أم بالشمال؟
الفتوى رقم (49)
حكم مباشرة السواك باليمين أم بالشمال؟
السؤال:
هل يتسوك باليد اليمنى أم اليسرى؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ذهب الحنفية في المذهب والمالكية والشافعية والحنابلة في رواية إلى أنه يندب أن يباشر السواك بيمينه حال الاستياك؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ: «كان يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ في تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وفي شَأْنِهِ كُلِّهِ»(1).
وفي رواية: «وَسِوَاكِهِ»(2) وجعلوه من باب التطيب(3).
وذهب الحنفية في قول والعراقي من الشافعية والحنابلة في رواية اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أنه يتسوك باليسرى، وجعلوه من باب إزالة القازورات.
قال ابن عابدين رحمه الله: إن السواك إن كان من باب التطهير استحب باليمين كالمضمضة، وإن كان من باب إزالة الأذى فباليسرى، والظاهر الثاني(4).
وقال العراقي رحمه الله: السواك المأمور به هل الأولى أن يباشره المستاك بيمينه أو بشماله؟ ذكر بعض متأخري الحنابلة ممن رآيته أنه يستاك بيمينه؛ لأنه ورد في بعض طرق حديث عائشة المشهور «كان يعجبه التيمن في ترجله وتنعله وتطهره وسواكه»، وسمعت بعض مشايخنا الشافعية يبني ذلك على أن السواك هل هو من باب التطهير والتطيب أو من باب إزالة القازورات؟
فإن جعلناه من باب التطيب استحب أن يكون بيمينه، وإن جعلناه من باب إزالة القازورات استحب أن يليه بشماله؛ لحديث عائشة رضي الله عنه: «كانت يَدُ رسول الله ﷺ الْيُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى لِخَلَائِهِ وما كان من أَذًى»(5)رواه أبو داود بإسناد صحيح وله من حديث حفصة: «كان يَجْعَلُ يَمِينَهُ لِطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ وَيَجْعَلُ شِمَالَهُ لِمَا سِوَى ذلك».
وما استدل به على أنه يستحب باليمنى ليس فيه دلالة على ما ذهب إليه، فإن المراد منه البداءة بالشق الأيمن في الترجل والبداءة بلبس النعل والبداءة بالأعضاء اليمنى في التطهر والبداءة بالجانب الأيمن من الفم في الاستياك، وأما كونه يفعل ذلك بيمينه فيحتاج إلى نقل.
والظاهر أنه من باب إزالة الأذى كالامتخاط ونحوه؛ فيكون باليسرى.
وقد صرح أبو العباس القرطبي من المالكية فقال في «المفهم» حكاية عن مالك: أنه لا يتسوك في المساجد؛ لأنه من باب إزالة القذر والله أعلم(6).
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن الاستياك باليمنى أم باليسرى؟ فذكر أن الأفضل الاستياك باليسرى؛ لأنه من باب إماطة الأذى، فهو كالاستنثار والامتخاط، ونحو ذلك مما فيه إزالة الأذى، وذلك باليسرى كما أن إزالة النجاسات واجبها ومستحبها اليسرى. ثم ذكر أن السواك ليس من باب إكرام اليمين(7).
ولا ينبغي التعصب لمثل هذه المسائل المحتملة أكثر من وجه وهي دائرة بين السنية والكراهة لا بين الوجوب والحرمة أو الكراهة.
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه البخاري (168) ومسلم(268).
(2) رواه أبو داود(4140) وصححها الألباني في صحيح أبي داود.
(3) البحر الرائق (1/21) والدر المختار(1/234) وحاشية الطحطاوي(1/44) وعمدة القاري(3/31) والشرح الصغير(1/87) ومواهب الجليل(1/65) والخلاصة الفقهية(1/13) وكفاية الأخيار(62) والإقناع للشربيني(1/35) وإعانة الطالبين(1/45) والمغني(1/120) والإنصاف(1/128) وعون المعبود(11/133).
(4) حاشية ابن عابدين (1/234) وانظر حاشية الطحطاوي(1/44).
(5) رواه أبو داود (33) والبيهقي في الكبرى(1/113) وأحمد في المسند(6/265) وصححه الألباني في صحيح أبي داود(26) والنووي في المجموع(1/445).
(6) طرح التثريب (2/66، 67).
(7) مجموع الفتاوى (21/108) وما بعدها.