هل يجب الوضوء عند الحدث أم بدخول الوقت أم إذا ضاق وقت الصلاة؟
الفتوى رقم (58 )
هل يجب الوضوء عند الحدث أم بدخول الوقت أم إذا ضاق وقت الصلاة؟
السؤال:
إذا ضاق وقت الصلاة وأنا لم أصل فهل يجب علي الوضوء أم لا؟ وإذا كنت محدثاً ودخل وقت الصلاة هل يجب علي الوضوء مباشرة؟ أم يجوز لي التأخير ما دمت في وقت الصلاة؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله أما بعد:
من ضاق عليه وقت الصلاة ولم يصل فقد وجب عليه أن يصليها قبل خروج وقتها، والصلاة لا تتم إلا بالوضوء فوجب عليه الوضوء؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقد اختلف أهل العلم في وقت وجوب الوضوء، هل بدخول وقت الصلاة أم عند ضيق وقت الصلاة أم عند وجود الحدث؟ على أقوال:
فقد نصَّ الحنفية: على أن من شروط وجوب الوضوء ضيق الوقت، وهذا القول هو الصحيح، لأن الوضوء إنما يجب بدخول الوقت وجوباً موسعاً، فإذا ضاق الوقت وجب الوضوء.
وقالوا: إن هذا شرط للوجوب المضيق، لتوجه الخطاب مضيقاً حينئذ وموسعاً في ابتدائه، بمعنى أن وجوب الوضوء موسع بدخول الوقت كالصلاة فإذا ضاق الوقت ـ أي وقت الصلاة ـ صار الوجوب فيهما ـ أي الوضوء والصلاة ـ مضيقاً(1).
ونصَّ المالكيةُ: أيضاً على أن من شروط وجوب الوضوء دخول الوقت ـ أي دخول وقت الصلاة الحاضرة أو تذكر الفائتة ـ فلا يجب الوضوء قبل دخول الوقت(2).
وعند الشافعية أوجه في وقت وجوب الوضوء:
أحدها: أنه يجب بخروج الحدث ويكون وجوباً موسعاً ما لم يدخل الوقت ويبقى ما يسعه ويسع الصلاة فقط.
والثاني: أن موجِبَه دخول الوقت -أي: دخول وقت الصلاة- أو القيام إلى الصلاة، ويعبر عنه بإرادة القيام إلى الصلاة أو نحوها مما يتوقف عليه.
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: وبعضهم عبر بالأول وهو أظهر؛ لأنه المحقق للوجوب، وبعضهم بالثاني؛ لأنه أوفق لدليل هذا الوجه وهو قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾ الآية، ومعنى كون الإرادة أو دخول الوقت موجباً أنه سبب للموجب وهو القيام إلى الصلاة إذ وجوبها موجب للوضوء.اهـ.
ويؤيد القولَ الثاني قولُه ﷺ: «إنما أُمِرْتُ بِالْوُضُوءِ إذا قُمْتُ إلى الصَّلَاةِ»(3).
والثالث: يجب بالأمرين معاً الحدث مع القيام إلى الصلاة.
قال النووي رحمه الله: وهو الراجح عند أصحابنا(4).
ونص الحنابلة في الصحيح من المذهب أن سبب وجوب الوضوء الحدث، كما ذكره ابن عقيل وغيره.
وقال أبو الخطاب في «الانتصار»: يجب بإرادة الصلاة بعد الحدث.
قال ابن الجوزي رحمه الله: لا تجب الطهارة عن حدث ونجس قبل إرادة الصلاة بل يستحب.
قال في الفروع: ويتوجه قياس المذهب أنه يجب بدخول الوقت لوجوب الصلاة إذن ووجوب الشرط بوجوب المشروط(5).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ابن عابدين (1/193) وحاشية الطحطاوي (1/40) ونور الإيضاح (1/17).
(2)مواهب الجليل (1/182) والفواكه الدواني (1/135) والخلاصة (1/15) وحاشية الدسوقي (1/136).
(3)رواه أبو داود (3760) والترمذي (1847) وقال حسن صحيح. والنسائي (132) والبيهقي في الكبرى (1/42، 348) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (1824) ورواه مسلم بنحوه(374).
(4)شرح مسلم (3/84/4/182) ومغني المحتاج (1/146) والفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر(1/54).
(5)الفروع (1/126) والإنصاف (1/194) وكشاف القناع(1/84).
الفتوى بصيغة فيديو