هل يجوز التيمم عند عدم القدرة على استعمال الماء بسبب المرض؟
الفتوى رقم(158)
هل يجوز التيمم عند عدم القدرة على استعمال الماء بسبب المرض؟
السؤال:
إذا خاف المريض باستعمال الماء من زيادة في المرض أو تأخر في شفائه، هل يجوز له التيمم أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
يجب على من وجد الماء أن يستعمله في عبادة وجبت عليه لا تصح إلا بالطهارة كالصلاة ونحوها، ولا يجوز العدول عن ذلك إلى التيمم إلا إذا عدمت قدرته على استعمال الماء، ويتحقق ذلك بالمرض أو خوف المرض من البرد ونحوه أو العجز عن استعماله.
وقد اتفق الفقهاء على جواز التيمم للمريض إذا تيقن التلف؛ لقوله تعالى:﴿وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾[النساء:29]، ولحديث جابر رضي الله عنه قال:خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رجلا منا حجر فَشَجَّهُ فِي رَأسه، ثمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابه فَقَالَ: هَل تَجِدُونَ لي رخصَة فِي التَّيَمُّم؟ فَقَالُوا:مَا نجد لَك رخصَة وَأَنت تقدر على الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أخبر بذلك فَقَالَ: «قَتَلُوهُ قَتلهمْ الله أَلا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ»(1).
واختلفوا إذا خاف المريض زيادة المرض باستعمال الماء أو تأخر البرء هل يجوز له التيمم أم لا؟
فعند الحنفية ومالك والشافعي في قول وهو ظاهر المذهب عند الحنابلة إذا خاف من استعمال الماء للوضوء أو الغسل على نفسه أو زيادة مرضه أو تأخر برئه أو خاف شيئًا فاحشاً أو ألماً غير محتمل يجوز له التيمم وهو الصحيح؛ لعموم قوله تعالى:﴿وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾[النساء:43]، ولأنه يجوز له التيمم إذا خاف ذهاب شيء من ماله أو ضرراً في نفسه من لص أو سبع، أو لم يجد الماء إلا بزيادة على ثمن مثله كثير، فلَأن يجوز ههنا أولى، ولأن ترك القيام في الصلاة وتأخير الصلاة لا ينحصر في خوف التلف، وكذلك ترك الاستقبال، فكذا ههنا، ويعرف ذلك بالعادة أو بإخبار طبيبٍ حاذقٍ مسلمٍ عدلٍ.
واكتفى بعض الحنفية بأن يكون مستوراً أي غير ظاهر الفسق.
فأما المريض أو الجريح الذي لا يخاف الضرر باستعمال الماء مثل مَنْ به الصداع والحمى الحارة أو أمكنه استعمال الماء الحار أو يكون به مرض لا يخاف من استعمال الماء معه محذوراً في العاقبة وإن تألم في الحال لجراحة أو برد أو حرِّ… فلا يجوز التيمم لشيء من هذا؛ لأن إباحة التيمم لنفي الضرر ولا ضرر ههنا(2).
وذهب الشافعي وأحمد إلى أن الجريح والمريض إذا أمكنه غسل بعض جسده دون بعض لزمه غسل ما أمكنه وتيمم للباقي.
وقال أبو حنيفة: إن كان أكثر بدنه صحيحاً غسله ويسقط حكم الجريح، إلا أنه يستحب مسحه، وإن كان أكثره جريحاً تيمم ولا غسل عليه؛ لأن الجمع بين البدل والمبدل لا يجب كالصيام والإطعام.
وقال الإمام مالك: يغسل الصحيح ويمسح الجريح ولا يتيمم(3).
المفتي:الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رواه أبو داود(336/337) وابن ماجه(572) والبيهقي(1/228) وغيرهم وحسنه الألباني وصحيح أبي داود(325).
ابن عابدين(1/397) وحاشية الطحطاوي(1/62) والدسوقي(1/149)وتفسير القرطبي(5/216) ومغني المحتاج(1/92/106) والجمل(1/206/207) وكفاية الأخيار(95) والمغني(1/334) وكشاف القناع(1/162/165) والإفصاح (1/92).
(2) الاختيار(1/23) والمجموع(3/313) والمغني(1/308/335) والبدائع(1/190) والإشراف(1/39) والإفصاح(1/96) وابن عابدين(1/433).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/HXtsRzESVMw