هل يجب إدخال المرفقين مع اليدين في الوضوء أم لا؟
الفتوى رقم (71)
هل يجب إدخال المرفقين مع اليدين في الوضوء أم لا؟
السؤال:
هل يجب إدخال المرفقين مع اليدين في الوضوء أم لا يجب ذلك؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله أما بعد:
اختلف أهل العلم في حكم غسل المرفقين في الوضوء وإدخالهما مع اليدين، هل يجب ذلك أم لا؟ على قولين:
القول الأول -وهو الصحيح-: أنه يجب إدخال المرفقين مع اليدين في الوضوء، وهذا قول جمهور أهل العلم أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه.
والأصل في ذلك قول الله تعالى: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ﴾[المائدة: 6]. وإلى هنا بمعنى مع أي: وأيديكم مع المرافق.
القول الثاني: عدم وجوب غسل المرفقين مع اليدين، وهو قول زُفر من الحنفية وبعض أصحاب مالك والإمام أحمد في رواية عنه.
قال ابن رشد رحمه الله: والسبب في اختلافهم في ذلك: الاشتراك الذي في حرف (إلى) وفي اسم (اليد) في كلام العرب، وذلك أن حرف (إلى) مرة يدل في كلام العرب على الغاية، ومرة يكون بمعنى مع، واليد أيضاً في كلام العرب تطلق على ثلاثة معان: على الكف فقط، وعلى الكف والذراع، وعلى الكف والذراع والعضد.
فمن جعل (إلى) بمعنى (مع) أو فهم من اليد مجموع الثلاثة، أوجب دخولها في الغسل، ومن فهم من (إلى) الغاية ومن اليد ما دون المرفق ولم يكن الحد عنده داخلاً في المحدود لم يدخلهما في الغسل، وخرّج مسلم في صحيحه(1)عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أنه غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى حتى أَشْرَعَ في الْعَضُدِ ثُمَّ الْيُسْرَى كذلك ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى حتى أَشْرَعَ في السَّاقِ ثُمَّ غَسَلَ الْيُسْرَى كذلك ثُمَّ قال هَكَذَا رأيت رَسُولَ الله ﷺ يَتَوَضَّأُ» وهو حجة لقول مَن أوجب إدخالهما في الغسل؛ لأنه إذا تردد اللفظ بين المعنيين على السواء وجب ألا يصار إلى أحد المعنيين إلا بدليل، وإن كانت (إلى) في كلام العرب أظهر في معنى الغاية منها في معنى (مع) وكذلك اسم (اليد) أظهر فيما دون العضد منه فيما فوق العضد.
فقول من لم يدخلهما من جهة الدلالة اللفظية أرجح، وقول من أدخلهما من جهة هذا الأثر أبين، إلا أن يحمل هذا الأثر على الندب والمسألة محتملة كما ترى.
وقد قال قوم: (( إن الغاية إن كانت من جنس ذي الغاية دخلت فيه وإن لم تكن من جنسه لم تدخل فيه))(2).
وفي قول آخر عند المالكية: أن المرفقين يدخلان في الغسل، لا لأجل وجوب غسلهما مع اليدين بل احتياطاً؛ لأن الواجب لا يتوصل إليه إلا بدخولهما -وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب- وإدخالهما أحوط لزوال تكليف التحدي (3).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح مسلم (246).
(2) بداية المجتهد(1/31) والاستذكار(1/128) وحاشية الدسوقي(1/141) ورد المحتار(1/212) والبدائع(1/20) ومغني المحتاج(1/156) وكفاية الأخيار(65)
والمغني(1/150) ومنار السبيل(1/33) والإنصاف(1/157) والأوسط(1/393).
(3) مواهب الجليل(1/191) والفواكه الدواني(1/139).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/nApR-RpFkxI