ما حكم الدعاء بعد الوضوء؟
الفتوى رقم (91)
حكم الدعاء بعد الوضوء
السؤال:
هل الدعاء بعد الوضوء سنة؟ وماهي الأدعية الواردة فيه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
ذهب الفقهاء إلى مشروعية الدعاء بعد الوضوء، فقد نص الشافعية والحنابلة على أنه يسن أن يقول المتوضئ عقب فراغه من الوضوء وهو مستقبل القبلة وقد رفع يديه وبصره إلى السماء: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين؛ لقوله ﷺ: «ما مِنْكُمْ من أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ (أو فَيُسْبِغُ) الْوَضُوءَ ثُمَّ يقول: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا عبد الله وَرَسُولُهُ إلا فُتِحَتْ له أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ من أَيِّهَا شَاءَ»(1) ثم يقول المتوضئ: «اللهم اجْعَلْنِي من التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي من الْمُتَطَهِّرِينَ»(2).
ويقول أيضاً: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك؛ لقول النبي ﷺ: «من تَوَضَّأَ فقال: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أنت أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ، كُتِبَ في رَقٍّ ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ، فلم يُكْسَرْ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»(3) أي لم يتطرق إليه إبطال، أي يصان به صاحبه من تعاطي مبطل.
وقال الحنفية والمالكية والشافعية: يسن أن يقول بعد الوضوء: وصلى الله وسلم على محمد وآل محمد.
قال البهوتي رحمه الله: والحكمة في ختم الوضوء والصلاة وغيرهما بالاستغفار -كما أشار إليه ابن رجب في تفسير سورة النصر- أن العباد مقصرون عن القيام بحقوق الله كما ينبغي وعن أدائها على الوجه اللائق بجلاله وعظمته وإنما يؤدونها على قدر ما يطيقونه، فالعارف يعرف أن قدر الحق أعلى وأجل من ذلك فهو يستحي من عمله ويستغفر من تقصيره فيه كما يستغفر غيره من ذنوبه وغفلانه.
قال: والاستغفار يرد مجرداً ومقروناً بالتوبة، فإن ورد مجرداً دخل فيه طلب وقاية شر الذنب الماضي بالدعاء والندم عليه، ووقاية شر الذنب المتوقع بالعزم على الإقلاع عنه، وهذا الاستغفار الذي يمنع الإصرار والعقوبة. وإن ورد مقروناً بالتوبة اختص بالنوع الأول فإن لم يصحبه الندم على الذنب الماضي بل كان سؤالاً مجرداً فهو دعاء محض، وإن صحبه ندم فهو توبة، والعزم على الإقلاع من تمام التوبة(4).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه مسلم (234).
(2) زادها الترمذي(55) وصححها الشيخ الألباني / في صحيح الجامع(6167).
(3) رواه النسائي(9909) والحاكم في المستدرك(1/752) وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي ورواه الطبراني في الأوسط(2/123) وقال الهيثمي في المجمع(1/239) رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح. لكن رجح النسائي وقفه على أبي سعيد الخدري قال الألباني في الصحيحة(5/332): ولا شك أن الوقف أصح إسناداً، لكن قال الحافظ ابن حجر: مثله لا يقال من قبل الرأي فله حكم المرفوع.
قال الشيخ الألباني: والخلاصة أن الحديث صحيح بمجموع طرقه المرفوعة، والموقوف لا يخالفه، لأنه لا يقال بمجرد الرأي كما تقدم عن الحافظ.
(4) كشاف القناع(1/108، 109) ورد المحتار(1/253) وتبين الحقائق(1/7) والبحر الرائق(1/30) وحاشية البناني على الزرقاني(1/73) وشرح مختصر خليل(1/136) وحاشية العدوي(1/255) والمجموع(1/517) وشرح مسلم(3/98) ومغني المحتاج(1/180) وحاشية الجمل(1/441) والمغني(1/181) ومجموع الفتاوى(14/419) ومطالب أولي النهى(1/120).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/X_fpkgGiJkc