أيهما أوجب على المرأة طاعة الزوج أم الأبوين؟
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن إمرأة تزوجت وخرجت عن حكم والديها فأيهما أفضل برها لوالديها أو مطاوعة زوجها؟
فأجاب: الحمد لله رب العالمين المرأة إذا تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها وطاعة زوجها عليها أوجب قال الله تعالى ﴿ فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ﴾ وفي الحديث عن النبي أنه قال «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك»
وفي صحيح بن أبي حاتم عن أبي هريرة قال قال رسول الله :« إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت»
وفي الترمذي عن أم سلمة قالت قال رسول الله «أيما إمرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة» وقال الترمذي حديث حسن.
وعن أبي هريرة عن النبي قال «لو كنت آمرا لأحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» أخرجه الترمذي وقال حديث حسن وأخرجه أبو داود ولفظه «لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحقوق».
وفي المسند عن أنس أن النبي قال « لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحه تجري بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه»
وفي المسند وسنن بن ماجة عن عائشة عن النبي قال « لو أمرت أحد أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولو أن رجلا أمر امرأته أن تنقل من جبل أحمر إلى جبل أسود ومن جبل أسود إلى جبل أحمر لكان لها أن تفعل» أي لكان حقها أن تفعل وكذلك في المسند وسنن بن ماجة وصحيح بن حبان عن عبد الله بن أبي أوفى قال:« لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي فقال ( ما هذا يا معاذ ) قال أتيت الشام فوجدتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك يا رسول الله فقال رسول الله «لا تفعلوا ذلك فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه»
وعن طلق بن بن علي قال قال رسول الله «أيما رجل دعا زوجته لحاجته فلتأته ولو كانت على التنور» رواه أبو حاتم في صحيحه والترمذي وقال حديث حسن وفي الصحيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله « إذا دعا الرجل إمرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبانا عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح » والأحاديث في ذلك كثيرة عن النبي .
وقال زيد بن ثابت الزوج سيد في كتاب الله وقرأ قوله تعالى ﴿وألفيا سيدها لدى الباب﴾.
وقال عمر بن الخطاب «النكاح رق فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته».
وفي الترمذي وغيره عن النبي أنه قال « استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عندكم عوان» فالمرأة عند زوجها تشبه الرقيق والأسير فليس لها أن تخرج من منزله إلا بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق الأئمة وإذا أراد الرجل أن ينتقل إلى مكان آخر مع قيامه بما يجب عليه وحفظ حدود الله فيها ونهاها أبوها عن طاعته في ذلك فعليها أن تطيع زوجها دون أبويها فإن الأبوين هما ظالمان ليس لهما أن ينهاياها عن طاعة مثل هذا الزوج وليس لها أن تطيع أمها فيما تأمرها به من الإختلاع منه أو مضاجرته حتى يطلقها مثل أن تطالبه من النفقة والكسوة والصداق بما تطلبه ليطلقها فلا يحل لها أن تطيع واحدا من أبويها في طلاقه إذا كان متقيا لله فيها.
ففي السنن الأربعة وصحيح بن أبي حاتم عن ثوبان قال قال رسول الله «أيما إمرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة» وفي حديث آخر « المختلعات والمنتزعات هن المنافقات»
وأما إذا أمرها أبواها أو أحدهما بما فيه طاعة الله مثل المحافظة على الصلوات وصدق الحديث وأداء الأمانة ونهوها عن تبذير مالها وإضاعته ونحو ذلك مما أمر الله ورسوله أو نهاها الله ورسوله عنه فعليها أن تطيعهما في ذلك ولو كان الأمر من غير أبويها فكيف إذا كان من أبويها وإذا نهاها الزوج عما أمر الله أو أمرها بما نهى الله عنه لم يكن لها أن تطيعه في ذلك فإن النبي قال «إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» بل المالك لو أمر مملوكه بما فيه معصية لله لم يجز له أن يطيعه في معصية فكيف يجوز أن تطيع المرأة زوجها أو أحد أبويها في معصية فإن الخير كله في طاعة الله ورسوله والشر كله في معصية الله ورسوله( ).
مجموع الفتاوى(32/261، 265)وكشاف القناع(5/223، 224).