حكم الوضوء بماء الثلج
رقم الفتوى (5)
حكم الوضوء بماء الثلج
السؤال:
هل يجوز الوضوء بالثلج أو المياه المجمدة بالوسائل الحديثة؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله أما بعد:
لا خلاف بين الفقهاء في جواز التطهر بماء الثلج إذا ذاب.
إلا أنهم اختلفوا في حكم استعماله وجواز التطهر به قبل الإذابة، هل يجوز أم لا؟ على ثلاثة أقوال:
القول الأول: وهو قول جمهور أهل العلم الحنفية في المعتمد والمالكية والحنابلة وهو عدم جواز التطهر بالثلج قبل الإذابة ما لم يتقاطر ويسل على العضو.
وقد نص علماء المذاهب على ذلك في كتبهم:
أما الحنفية فقال صاحب “الدر المختار” رحمه الله: «يُرفع الحدث مطلقًا بماء مطلق هو ما يتبادر عند الإطلاق كماء سماء وأودية وعيون وأبار وبحار وثلج مذاب بحيث يتقاطر»(1).
وأما المالكية فقال الدردير رحمه الله في “الشرح الكبير”: «وهو ـ أي الماء المطلق ـ ما صدق عليه اسم ماء بلا قيد وإن جمع من ندى أو ذاب أي تميع بعد جموده كالثلج، وهو ما ينزل مائعًا ثم يجمد على الأرض»(2).
وأما الحنابلة فقال ابن قدامة رحمه الله: الذائب من الثلج والبرد طهور؛ لأنه ماء نزل من السماء، وفي دعاء النبي ﷺ: «الْلَّهُمَّ طَهِّرَنِيّ بِالْمَاءِ وَالْثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» متفق عليه، فإنْ أخذَ الثلج فأمرَّه على أعضائه لم تحصل الطهارة به ولو أنبل به العضو؛ لأن الواجب الغسل، وأقل ذلك أن يجري الماء على العضو، إلا أن يكون خفيفًا فيذوب ويجري ماؤه على الأعضاء، فيحصل به الغسل فيجزئه(3).
القول الثاني: أنه يجوز التطهر بماء الثلج مطلقًا وإن لم يتقاطر، وهو قول الإمام أبو يوسف لعموم قول النبي ﷺ: «الْلَّهُمَّ طَهِّرَنِيّ بِالْمَاءِ وَالْثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» متفق عليه(4).
القول الثالث وهو الصحيح: التفريق وهو قول الشافعية، فقد فرق الشافعية بين سيلان الثلج على العضو لشدة حر وحرارة الجسم ورخاوة الثلج، وبين عدم سيلانه، فإن سال على العضو صح الوضوء على الصحيح؛ لحصول جريان الماء على العضو، وقيل: لا يصح؛ لأنه لا يسمى غسلاً، حكاه جماعة منهم الماورديِ صاحب “الحاوي” والدارمي.
قال النووي رحمه الله: وهما من كبار أئمتنا العراقيين وعزاه الدارمي إلى أبي سعيد الإصطخريِ، وإن لم يسل لم يصح بلا خلاف في المغسول، ويصح مسح الممسوح منه وهو الرأس والخف والجبيرة، وهو المذهب عندهم(5).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
() الدر المختار مع حاشية ابن عابدين (1/324).
(2) الشرح الكبير (1/56/57) ومختصر خليل (1/8) ومواهب الجليل (1/51).
(3) المغني مع الشرح (1/43).
(4) حاشية ابن عابدين (1/324) وحاشية الطحطاوي (1/15).
(5) المجموع شرح المهذب (2/16).
الفتوى بصيغة فيديو: