حكم الآنية المضببة بالذهب والفضة:
الفتوى رقم (22)
حكم الآنية المضببة بالذهب والفضة:
السؤال: سؤال فضيلة الشيخ، قمت بشراء أكواب للشرب وأطباق للطعام، وكانت مزخرفة بماء الذهب وقسم منها مزخرف بالفضة، فهل يجوز استعمالها في الأكل والشرب أم لا؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله أما بعد:
هذه المسألة تعرف في الفقه الإسلامي بالآنية المفضضة (أي المزوقة بالفضة أو المرصع بها)(1).
والصحيح المختار من أقوال العلماء أنه يجوز استعمال الآنية المطلية بالذهب والفضة مع الكراهة، وإن كان أهل العلم اختلفوا في ذلك على أقوال، وبيان كل مذهب في هذا فيما يلي:
المذهب الأول: ذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله (وهي إحدى الروايتين عن محمد بن الحسن) إلى جواز استعمال الآنية المفضضة والمضببة بالفضة ولو كانت الفضة كثيرة.
وذهب أبو يوسف (وهي الرواية الثانية عن محمد) إلى أنه يكره استعماله(2).
المذهب الثاني: وهو مذهب المالكية ولهم في الآنية المفضضة قولان:
أحدهما: بالمنع، والآخر: بالجواز، واستظهر بعضهم بالجواز.
وأما الآنية المضببة فلا تجوز.
قال في الشرح الصغير: يحرم على المكلف الذكر أو الأنثى أن يضبب الإناء الخشب أو الفخار كالصيني بأحد النقدين… وأما الإناء إذا كان من نحاس أو حديد كالقدور والصحون والمباخر والقماقم من ذلك وموهت أي طليت بأحد النقدين -الذهب والفضةـ ففيه قولان بالجواز والمنع، واستظهر بعضهم بالجواز نظرًا لباطنه والطلي تبع(3).
المذهب الثالث: مذهب الشافعية.
قال الإمام النووي رحمه الله في الروضة: ولا يكره لو اتخذ إناء من حديد أو غيره، وموهه بذهب أو فضة، إن كان يحصل منه شيء ـأي يجتمع منه شيءـ بالعرض على النار حرم استعماله، وإلا فوجهان.
قال النووي: الأصح أنه لا يحرم(4).
أما المضبب بالفضة فقال في المجموع: قال الشافعي: «وأكره المضبب بالفضة، لئلا يكون شاربًا على فضة».
وللأصحاب في المسألة أربعة أوجه:
أحدها: إن كان قليلاً للحاجة لم يكره، وإن كان للزينة كره، وإن كان كثيرًا حَرُمَ، وإن كان للحاجة كره.
والثاني: إن كان في موضع الاستعمال كموضع فم الشرب حرم، وإلا فلا.
والثالث: يكره ولا يحرم بحال.
والرابع: يحرم بكل حال.
وأصح هذه الأوجه الأول، وهو الأشهر عند العراقيين وقطع به كثيرون(5).
المذهب الرابع: وهو مذهب الحنابلة.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فأما المضبب بالذهب والفضة فإن كان كثيرًا فهو محرم بكل حال ذهبًا كان أو فضة؛ لأن هذا فيه سرف وخيلاء، فأشبه الخالص…إذا ثبت هذا فاختلف أصحابنا، فقال أبو بكر: يباح اليسير من الذهب والفضة…وأكثر أصحابنا على أنه لا يباح اليسير من الذهب، ولا يباح منه إلا ما دعت الضرورة، كأنف الذهب وما ربط به أسنانه.
أما الفضة فيباح منها اليسير: لما روى: «أَنَّ قَدَحَ النبي ﷺ انْكَسَرَ فَاتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً من فِضَّةٍ»(6).
ولأن الحاجة تدعو إليه، وليس فيه سرف ولا خيلاء، فأشبه الضبة من الصفر.
قال القاضي: ويباح ذلك مع الحاجة وعدمها…وما لا يستعمل كالضبة يباح.
وقال أبو الخطاب: لا يباح اليسير إلا لحاجة.
ثم قال: وتكره مباشرة موضع الفضة بالاستعمال، كيلا يكون مستعملاً لها(7).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المفضض المزوق بالفضة أو المرصع بها. ويقال لكل منقش ومزين مزوق. ابن عابدين في القاموس (6/344).
ويقال باب مضبب، أي مشدود بالضباب والضبة هي الحديدة العريضة التي يضبب بها. وضبب أسنانه بالفضة إذا شدها بها. (ابن عبدين).
(2) البحر الرائق (8/211) والدرر المختار مع حاشية ابن عابدين (6/344/345) وتبين الحقائق (6/11) والبدائع (5/132) ومختصر اختلاف العلماء للبيهقي (1/162).
(3) الشرح الصغير (1/43/44) وحاشية الدسوقي (1/105) ومواهب الجليل (1129/130) والذخيرة (1/167) ومنح الجليل (1/59).
(4) روضة الطالبين (1/188) والمجموع (2/265).
(5) المجموع (2/262) وروضة الطالبين (1/188).
(6) رواه البخاري (2942).
(7) المغني (1/100) ومجموع الفتاوى (21/81/88) والروض المربع (1/30) والفروع (1/69) والإنصاف (1/83).
الفتوى بصيغة الفيديو