وضوء الرجل بفضل طهور المرأة
الفتوى رقم (20)
وضوء الرجل بفضل طهور المرأة
السؤال:
أحدهم يقول: لا يجوز للرجل أن يتوضأ بالماء الذي يبقى بعد تطهر المرأة، فهل هذا الكلام صحيح؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله وصلّى الله وسلم على رسول الله
أما بعد:
فهذه المسألة هي وضوء الرجل بفضل طهور المرأة وهو الماء الذي يبقى في الإناء أو الطست بعد تطهر المرأة، فإن لم تختلِ به المرأةُ كان استعمال هذا الماء جائزاً دون كراهة عند عامة الفقهاء.
وأما إذا اختلت المرأة بالماء وكانت لوحدها واغتسلت أو توضأت منه فإن العلماء قد اختلفوا، هل يجوز للرجل أن يتوضأ
أو يغتسل من هذا الماء المتبقي أم لا يجوز؟ على قولين:
القول الأول:وهذا القول هو الصحيح أنه يجوز للرجل أن يتوضأ بفضل وضوء المرأة وإن خلت بالماء.
وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في أحد الروايتين عنه.
والأصل في جواز ذلك ما رواه مسلم في صحيحه: «أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ كان يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ»(1).
وبقول ميمونة رضي الله عنها: اغتسلت من جفنة ففضلت فيها فضلة فجاء النبي يغتسل، فقلت: إني قد اغتسلت منه، فقال: الماء ليس عليه جنابة(2). ولأنه ماء طهور جاز للمرأة الوضوء به فجاز للرجل كفضل الرجل(3).
ولما روي عن ابن عمر كان يقول: «كان الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يتوضؤون في زَمَانِ رسول الله ﷺ من الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ جميعاً»(4).
قال ابن عبد البر رحمه الله: في هذا الحديث دليل واضح على إبطال قول من قال: لا يُتوضأ بفضل المرأة؛ لأنه معلوم إذا اغترفا جميعًا من إناء واحد فكل واحد منهما متوضئ بفضل صاحبه (5).
القول الثاني: وهو قول الإمام أحمد في رواية عنه: أنه لا يجوز ذلك إذا خلت به المرأة، أما إذا كانا جميعًا فلا بأس(6) .
واستدلوا على ذلك بما روى الحكم بن عمرو: «أَنَّ النبي ﷺ نهى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ»(7).
قال الحافظ في الفتح(8): تُحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء، والجواز على ما بقي من الماء وبذلك جمع الخطابي، أو يُحمل النهي على التنزيه جمعًا بين الأدلة، والله أعلم.
أما وضوء المرأة بفضل طهور الرجل فهو جائز بالإجماع:
قال النووي رحمه الله: وأما تطهير المرأة بفضل طهور الرجل فجائز بالإجماع(9).
المفتي : الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه مسلم (323).
(2) رواه الدارقطني (1/52) وأحمد (6/330) وعلي بن الجعد في مسنده (2333) وابن حبان في صحيحه (4/73/74) وابن ماجه (370) والدارمي (734) والترمذي (65) وقال حديث حسن صحيح وصححه الألباني في صحيح الجامع (3689) وصححه النووي في المجموع (2/220).
(3) المجموع (2/220/221) والمهذب (1/31) والمبسوط (1/62) والمغني (1/278) ومواهب الجليل (1/52) والإفصاح (1/54) وشرح مسلم (4/3) وأحكام القرآن لابن العربي (3/442).
(4) رواه البخاري (190) وأبو داود (79) واللفظ له.
(5) الاستذكار (1/169).
(6) المغني مع الشرح (1/278) وشرح الزركشي (1/80) ومنار السبيل (1/15) والإفصاح (1/54) والأوسط (1/292).
(7) رواه أبو داود (82) والترمذي (64) وقال: حديث حسن ورواه ابن ماجة (373) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (75).
(8) فتح الباري (1/360).
(9) شرح مسلم (4/3) وانظر فتح الباري (1/359).
الفتوى بصيغة فيديو: