حكم التبول في مكان الوضوء ومكان الاستحمام
رقم الفتوى(34)
حكم التبول في مكان الوضوء ومكان الاستحمام
السؤال:
ما حكم التبول في مكان الوضوء ومكان الاستحمام؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
التبول في مكان الوضوء ومكان الاستحمام جائز إذا كان ثمة منفذ “بالوعة” ويكره إن لم يكن له منفذ.
قال الحنفية والشافعية والحنابلة: يكره للإنسان أن يبول في موضع يتوضأ هو أو غيره أو يغتسل فيه؛ لما رواه أبو داود عن حميد بن عبد الرحمن الحميري قال: لقيت رجلاً صحب النبي ﷺ كما صاحبه أبو هريرة قال: «نَهَانَا رسول الله ﷺ أن يَتَمَشَّطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَومٍ أو يَبُولَ في مُغْتَسَلِهِ»(1).
ومحل الكرهة عندهم إذا لم يكن ثَمَّ منفذٌ ينفذ منه البول والماء.
قال ابن عابدين رحمه الله: وإنما نهى عن ذلك إذا لم يكن له مسلك يذهب فيه البول أو كان المكان صلبًا فيوهم المغتسل أنه أصابه منه شيء فيحصُل به الوسواس كما في النهاية لابن الأثير(2).
وقال البهوتي رحمه الله من الحنابلة: إن موضع الكراهة أن يكون الموضع غير مُقَيَّرٍ أو مبلط، قال: فإن بال في المستحم المقير أو المبلط أو المجصص، ثم أرسل عليه الماء قبل اغتساله فيه،
قال الإمام أحمد رحمه الله: إن صب عليه الماء في البالوعة فلا بأس؛ للأمن من التلوث ومثله الوضوء(3).
وقال الخطيب الشربيني رحمه الله: ويكره أن يبول في المغتسل…ومحله إذا لم يكن ثّمَّ منفذ ينفذ منه البول والماء(4).
وقال الحافظ ولي الدين العراقي رحمه الله: حمل جماعة من العلماء هذا الحديث -المتقدم- على ما إذا كان المغتسل لينًا، وليس فيه منفذ بحيث إذا نزل فيه البول شربته الأرض، واستقر فيها، فإن كان صلبًا ببلاط ونحوه بحيث يجري عليه البول ولا يستقر، أو كان فيه منفذ كالبالوعة ونحوها فلا نهي. وقال النووي في شرحه: إنما نهى عن الاغتسال فيه إذا كان صلبًا يخاف منه إصابة رشاشه(5).
فإن كان لا يخاف ذلك بأن يكون له منفذ أو غير ذلك فلا كراهة.
قال الشيخ ولي الدين رحمه الله: وهو عكس ما ذكره الجماعة فإنهم حملوا النهي على الأرض اللينة، وحمله هو على الصلبة، وقد لمح هو معنى آخر، وهو أن في الصلبة يخش عود الرشاش بخلاف الرخوة، وهم نظروا إلى أنه في الرخوة يستقر موضعه وفي الصلبة يجري ولا يستقر، فإذا صب عليه الماء ذهب أثره بالكلية(5).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه أبو داود (28) والنسائي (238) وأحمد (5/369) والحاكم في المستدرك (1/273) والبيهقي في الكبرى (1/98) وحسنه النووي في المجموع (2/110) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (23) وقال في تمام المنة (1/27) صححه جمع كالعسقلاني وغيره.
(2) حاشية ابن عابدين (1/558) وانظر حاشية الطحاوي على مراقي الفلاح(1/35).
(3) كشاف القناع (1/62/63) ومطالب أولى النهى (1/68) والمغني(1/211).
(4) مغني المحتاج(1/42).
(5) وقد سبق قول ابن عابدين مثله عن ابن الأثير.
(6) عون المعبود (1/37) وتحفة الأحوذي(1/82).
الفتوى بصيغة الفيديو