هل ينتقض الوضوء بالردة؟
الفتوى رقم (106)
هل ينتقض الوضوء بالردة؟
السؤال:
حكم من كان متوضأ ثم ارتد عن الإسلام ثم تاب وعاد إلى الإسلام، هل ينتقض وضوءه؟ أم يجوز له الصلاة بذلك الوضوء؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الردة -وهي الإتيان بما يخرج من الإسلام إما نطقاً أو اعتقاداً أو شكاً ينقل عن الإسلام- حدث حُكمي تنقض الوضوء عند الحنابلة وعند المالكية في المشهور، فلو ارتد إنسان -والعياذ بالله- ثم عاود إسلامه ورجع إلى دين الحق فليس له الصلاة حتى يتوضأ وإن كان متوضأ قبل ردته ولم ينقض وضوءه بأسباب أخرى؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر:65] والطهارة عمل.
ونقل ابن القاسم استحباب الوضوء في هذه الحالة.
ولم يعد الحنفية ولا الشافعية الردة من أسباب الحدث فلا ينقض الوضوء بها عندهم وهو الصحيح؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ﴾ [البقرة:217] فشرط الحبوط الموت على ذلك(1).
ولا ينقض الوضوء الكذب والغيبة والرفث والقذف وغيرها.
قال ابن المنذر رحمه الله: أجمع من نحفظ قوله من علماء الأمصار على أن القذف وقول الزور والكذب والغبية لا توجب طهارة ولا تنقض وضوءاً، وقد روينا عن غير واحد من الأوائل: أنهم أمروا بالوضوء من الكلام الخبيث، وذلك استحباب عندنا ممن أمر به، ولا نعلم حجة توجب وضوءاً في شيء من الكلام، وقد ثبت أن رسول الله ﷺ قال: «من حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إلا الله»(2). ولم يأمر في ذلك بوضوء(3).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جواهر الإكليل(1/21) والحطاب(1/299/300) والخلاصة الفقهية(1/19) والقوانين الفقهية(22) والمجموع(2/77) ونهاية المحتاج(1/15) والمغني(1/226) والاختيارات(29).
أخرجه البخاري(4860) ومسلم(5).
(3) المغني(1/277).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/CzHzj8UpNjA