هل المسح على الخفين مشروع أم لا؟
الفتوى رقم (108)
هل المسح على الخفين مشروع أم لا؟
السؤال:
هل يجوز المسح على الخفين؟ فبعض الناس يقول: إن المسح على الخفين ليس مشروعًا، فما صحة هذا الكلام؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله أما بعد:
المسح على الخفين جائز بإجماع العلماء، ومشروعيته ثابتة عن النبي ﷺ بالسنة النبوية المطهرة.
أما أدلة ثبوت وجواز المسح على الخفين من السنة:
ما رواه مسلم عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: «أنه بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ على خُفَّيْهِ، فَقِيلَ: تَفْعَلُ هذا؟ فقال: نعم، رأيت رَسُولَ الله ﷺ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ، وَمَسَحَ على خُفَّيْهِ»(1).
قال الأعمش رحمه الله: قال إبراهيم النخعي: يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة التي فيها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة:6] والتي قيل إنها ناسخة للمسح.
وما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: «لو كان الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ من أَعْلاَهُ وقد رأيت رَسُولَ الله ﷺ يَمْسَحُ على ظَاهِرِ الْخُفَّيْنِ»(2).
وأما الإجماع فقد نقله أكثر من واحد من أهل العلم:
فقد قال النووي رحمه الله: أجمع من يعتد به في الإجماع على جواز المسح على الخفين في السفر والحضر، سواء كان لحاجة أو لغيرها، حتى يجوز للمرأة الملازمة بيتها والزمِن الذي لا يمشي، وإنما أنكرته الشيعة والخوارج ولا يعتد بخلافهم.
وقد روي عن مالك رحمه الله تعالى روايات فيه. والمشهور من مذهبه كمذهب الجمهور، وقد روى المسح على الخفين خلائق لا يحصون من الصحابة.
قال الحسن البصري رحمه الله: «حدثني سَبْعُونَ من أَصْحَابِ الله ﷺ أَنَّهُ كان يَمْسَحُ على الْخُفَّيْنِ»(3).
قال القرطبي رحمه الله: وأما مالك فما روي عنه من الإنكار فهو منكر لا يصح، والصحيح ما قاله عند موته لابن نافع قال: إني كنت آخذ في خاصة نفسي بالطهور ولا أرى من مسح مقصراً فيما يجب عليه.
وعلى هذا حمل أحمد بن حنبل ما رواه ابن وهب عنه أنه قال: لا أمسح في حضر ولا في سفر، قال: أمرهم أن يمسحوا خفافهم وخلع هو وتوضأ وقال: حُبٍّب إلىّ الوضوء، ونحوه عن أبي أيوب.
وقال أحمد رحمه الله فمن ترك ذلك على نحو ما تركه ابن عمر وأبو أيوب ومالك لم أنكره عليه، وصلينا خلفه ولم نعبه إلا أن يترك ذلك ولا يراه كما صنع أهل البدع فلا يصلي خلفه والله أعلم(4).
وقال ابن عبد البر رحمه الله: لا أعلم أحداً من فقهاء المسلمين روي عنه إنكار المسح إلا مالكاً، والرويات الصحاح عنه بخلاف ذلك، موطؤه يشهد للمسح على الخفين في الحضر والسفر على ذلك جميع أصحابه وجميع أهل السنة(5).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه مسلم(272).
(2) رواه أبو داود(162) والدارقطني(1/204) والبيهقي في الكبرى(1/292) وغيرهم وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
(3) شرح مسلم(3/136).
(4) تفسير القرطبي (3/465).
(5) الاستذكار(1/218).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/TQa-cDQ7sxc