ما حكم المسح على الخف المخروق بخرق يسير؟
الفتوى رقم (117)
ما حكم المسح على الخف المخروق بخرق يسير؟
السؤال:
هل يجوز للمتوضئ المسح على الخف المخروق بخرق يسير؟
الجواب:
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله أما بعد:
اختلف أهل العلم في حكم جواز المسح على الخف المخروق خرقا يسيرًا، هل يجوز أم لا؟ على قولين:
القول الأول: ذهب الشافعية في المذهب والحنابلة إلى أنه لا يجوز المسح على الخف المخرق ولو كان يسيراً؛ لأن ما انكشفَ حكمُه الغسل، وما استتر حكمُه المسحُ، والجمع بينهما لا يجوز، فغلب حكم الغسل، كما لو انكشفت إحدى القدمين واستترت الأخرى.
القول الثاني: ذهب الحنفية والمالكية والشافعي في القديم وشيخ الإسلام ابن تيمية –وهذا القول هو الصحيح– إلى جواز المسح على الخف المخرق إذا كان الخرق يسيراً؛ دفعاً للحرج عن المكلفين، إذ أن الخِفاف لا تخلو عن خرق في العادة، وقدَّره الحنفية بمقدار ثلاثة أصابع من أصغر أصابع القدم، وقدَّره المالكية بمقدار ثلث القدم، فإن هذا القدر معفواً عنه، ولأنه يمكن متابعة المشي فيه فأشبه الصحيح، ولأن الغالب على خفاف العرب كونها مخرقة وقد أمر النبي ﷺ بمسحها من غير تفصيل فينصرف إلى الخفاف الملبوسة عندهم غالباً.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وهذا القول هو الراجح، فإن الرخصة عامة، ولفظ الخف يتناول ما فيه الخرق وما لا خرق فيه، لا سيما والصحابة كان فيهم فقراء كثيرون وكانوا يسافرون، وإذا كان كذلك فلابد أن يكون في بعض خفافهم خروق، والمسافرون قد يتخرق خف أحدهم ولا يمكنه إصلاحه في السفر، فإن لم يجز المسح عليه، لم يحصل مقصود الرخصة.
وأيضاً فإن جمهور العلماء يعفون عن ظهور يسير العورة، وعن يسير النجاسة التي يشق الاحتراز عنها، فالخرق اليسير في الخف كذلك.
وقول القائل: إن ما ظهر فرضُه الغسلُ ممنوعٌ، فإن الماسح على الخف لا يستوعبه بالمسح كالماسح على الجبيرة، بل يمسح أعلاه دون أسفله وعقبه، وذلك يقوم مقام غسل الرجل، فمسح بعض الخف كافٍ عما يحاذي الممسوح وما لا يحاذيه، فإن كان الخرق في العقب لم يجب غسل ذلك الموضع ولا مسحه، ولو كان على ظهر القدم لا يجب مسح كل جزء من ظهر القدم، وباب المسح على الخفين مما جاءت السنة فيه بالرخصة، حتى جاءت بالمسح على الجوارب والعمائم وغير ذلك، فلا يجوز أن يتناقض مقصود الشارع من التوسعة بالحرج والتضييق(1).
قال ابن رشد رحمه الله: وسبب اختلافهم في ذلك: اختلافهم في انتقال الفرض من الغسل إلى المسح هل هو لموضع الستر-أعني سِتْرَ خف القدمين-؟ أو هو لموضع المشقة في نوع الخفين؟
فمن رآه لموضع الستر، لم يُجِز المسح على الخف المنخرق؛ لأنه إذا انكشف من القدم شيء انتقل فرضهما من المسح إلى الغسل.
ومن رأى أن العلة في ذلك المشقة لم يعتبر الخرق ما دام يسمى خفاً.
وأما التفريق بين الخرق الكثير واليسير فاستحسان ورفع للحرج.
وقال الثوري: كانت خفاف المهاجرين والأنصار لا تسلم من الخروق كخفاف الناس، فلو كان في ذلك حذر لورد ونقل عنهم.
قلت: هذه المسألة هي مسكوتٌ عنها، فلو كان فيها حكم مع عموم الابتلاء به لبينه ﷺ، وقد قال تعالى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ النحل: 44.
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجموع الفتاوى(21/212/213) والبدائع(1/50/51) ورد المختار(1/437) والشرح الصغير(1/108) والمجموع(1/561/562) وكفاية الأخيار(89) والاستذكار(1/222) والمغني(1/378) والإنصاف(1/179) والاختيارات الفقهية(24).
(2) بداية المجتهد(1/42).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/iN8E0Bb7qkE