هل القيح والصديد نجسان كالدم أم لا؟
الفتوى رقم(183)
هل القيح والصديد نجسان كالدم أم لا؟
السؤال:
هل القيح والصديد نجسان كالدم أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
القيح هو: المدة الخالصة التي لا يخالطها دم.
والصديد هو: ماء الجرح الرقيق المختلط بدم قبل أن تغلظ المادة.
ولا خلاف بين المذاهب الأربعة على أن القيح والصديد نجسان مثل الدم.
قال النووي رحمه الله: والقيح نجس بلا خلاف وكذا ماء القروح المتغير نجس بالاتفاق(1).
وقال الشيرازي رحمه الله: وأما القيح فهو نجس؛ لأنه دم استحال إلى النتن فإذا كان الدم نجساً فالقيح أولى(2).
وقال ابن قدامة رحمه الله: والقيح والصديد وما تولد من الدم بمنزلته(3) أي: نجس.
وقال في التاج والإكليل: القيح والصديد عند مالك بمنزلة الدم(4).
وفي شرح مختصر خليل: القيح والصديد نجسان(5).
إلا أن علماء المذاهب عفوا عن بعض الدماء، فذهب الحنفية إلى أنه يعفى من دم الإنسان الذي لا يسيل على رأس جرحه ويعفى أيضاً عن دم البق والبراغيث لأنه لا يمكن الاحتراز عنه وفيه حرج(6).
وذهب المالكية إلى أنه يعفى عما دون الدرهم من الدم المسفوح إذا انفصل عن الحيوان(7).
وذهب الشافعية إلى أنه يعفى عن اليسير في العرف من الدم والقيح، سواء أكان من نفسه كأن انفصل منه ثم عاد إليه أم كان من غيره، إلا دم الكلب والخنزير وفرع أحدهما فلا يعفى عن شيء منه؛ لغلظ نجاسته، وأما دم الشخص نفسه الذي لم يفصل منه كدم الدماميل والقروح وموضع الفصد فيعفى عن قليله وكثيره، انتشر بعرق أم لا، ويعفى عن دم البراغيث والقمل ونحو ذلك مما تعم به البلوى ويشق الاحتراز عنه، ومحل العفو عن سائر الدماء ما لم يختلط بأجنبي، فإن اختلطت به ولو دم نفسه كأن خرج من عينه دم أو دميت لثته لم يعف عن شيء منه.
وأما ما لا يدركه البصر من النجاسات فيعفى عنه ولو من النجاسة المغلظة لمشقة الاحتراز عنه(8).
وذهب الحنابلة إلى أنه يعفى عن يسير دم وما تولد منه من قيح وصديد في غير مائع ومطعوم، أي إنه يعفي عنه في الصلاة؛ لأن الإنسان غالباً لا يسلم منه ويشق التحرز منه، وقدر اليسير المعفو عنه هو ما لا يفحش في النفس، والمعفو عنه من القيح ونحوه أكثر مما يعفى عن مثله من الدم، قال الإمام أحمد: هو أسهل من الدم.
والمعفو عنه هو ما كان من آدمي أو حيوان طاهر خارجاً من غير سبيل، فإن كان من سبيل لم يعف عنه، ولا يعفى عن الدم الخارج من حيوان نجس كالكلب والخنزير، ولا فرق بين كون الدم مجتمعاً أو متفرقاً، فإن فحش لم يعف عنه، ويعفى عن دم بق وقمل ونحو ذلك من كل ما لا نفس له سائلة(9).
المفتي: الشيخ الدكتور ياسر ابن النجار الدمياطي، مؤلف موسوعة الفقه على المذاهب الأربعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)المجموع(2/515).
(2)المهذب(1/47).
(3)المغنـي(1/275).
(4)التاج والإكليل(1/147).
(5)شرح مختصر خليل(1/92) والاستذكار لابن عبد البر(1/158) وانظر بدائع الصنائع(1/219) وحاشية الدسوقي(1/92/118).
(6)بدائع الضائع(1/219)، الاختيار(1، 8،30،31) ومراقي الفلاح(17/30).
(7)حاشية الدسوقي(1/74) والهداية(1/30) والبدائع(1/58) ورد المحتار(4338) والشرح الصغير(1/118) والفواكه الدواني(1/248) والخرشي على مختصر خليل(1/87).
(8)المصباح المنير ومختار الصحاح.
(9)كشاف القناع(1/74) والهداية(1/30) والبدائع(1/58) ورد المحتار(4338) والشرح الصغير(1/190/191) والمغني(2/275/276) والمبدع(1/247).
الفتوى بصيغة فيديو:
https://youtu.be/n3LqFqiSs5U
<iframe width=”727″ height=”409″ src=”https://www.youtube.com/embed/n3LqFqiSs5U” title=”YouTube video player” frameborder=”0″ allow=”accelerometer; autoplay; clipboard-write; encrypted-media; gyroscope; picture-in-picture” allowfullscreen></iframe>